المبحث الثاني
منهج المؤلف في الكتاب
يعد كتاب" النكت في القرآن" من الكتب القيمة في معاني القرآن وإعرابه ، اختار فيه المؤلف ـ رحمهالله ـ مسلك المفسرين ، ونهج طريقهم ، فرتب الحديث عن سور القرآن وآياته وفق ترتيب المصحف الكريم.
فنجد أول ما بدأ به توثيق نزول السور ، والآيات المفارقة لسورتها في النزول ، وفيمن نزلت (١).
ثم شرع بعد ذلك في ذكر ما يشكل من سورة الفاتحة ، وتلاها ما في سورة البقرة ، وهكذا حتى نهاية سورة الناس ، جامعا في كشف المشكل ، وإيضاح الغامض بين الرواية والدراية.
فقد اعتمد ـ رحمهالله ـ على الكتاب والسنة والمأثور من أقوال الصحابة والتابعين ، مع عنايته بالقراءات واللغة والنحو والصرف ، بحسب ما يقتضيه المقام ، والمؤلف وإن أكثر من إيضاح المشكل بالمأثور ، إلا انه يغلب عليه الاعتماد على الرأي والدراية ، ولا غرابة في ذلك ، إذ إن كثيرا من المشكلات لم يرد فيها أثر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أو الصحابة والتابعين ؛ لقلة الخوض في هذه المسائل آنذاك ، نتيجة صدق إيمانهم ، وسلامة عقيدتهم ، إلى جانب قرب عهدهم بمنبع الوحي ، وعلمهم التام باللغة العربية وأسرارها. ولا ريب أن في تلك المسائل المشكلة كانت في تزايد طردي مع الزمن ، ولما كان كثير منها يعود إلى نواح لغوية ونحوية كان لزاما على المؤلف أن يسهب في هذه النواحي وأن تبرز في مؤلفه مستعينا ـ إلى جانبها ـ بالشعر العربي الفصيح ، وفي ضوء اهتمامي لهذا الكتاب تمكنت من تمييز ملامح منهجه وحصرها فيما يأتي :
أولا ـ منهجه في عرض مادة الكتاب :
غالبا ما كان يلجأ إلى شرح المسألة على طريق طرح سؤال يكون جوابه توضيحا أو تعليلا لها ، تشعر وأنت تتناول مسألة ما أنت أمام أستاذ حريص على شرح المسألة والإحاطة بها من كل جوانبها ، وليس هذا بغريب ؛ لأنه تصدر للتدريس زمنا طويلا
__________________
(١) النكت في القرآن : ١ ، ٢ ، و ٣ ...