٣ ـ تخطئته ابن قتيبة :
سأل المجاشعي (١) : لم كسرت (إِنَ) من قوله تعالى : (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [يونس : ٦٥]؟ " والجواب : أنها كسرت للاستئناف بالتّذكير لما ينفي الحزن (٢) ، ولا يجوز أن تكون كسرت لأنها وقعت بعد القول ؛ لأنه يصير حكاية عنهم ، وأن النبي عليهالسلام يحزن لذلك وهذا كفر (٣). ويجوز فتحها على تقدير (اللام) كأنه قال : ولا يحزنك قولهم ؛ لأن العزة لله جميعا (٤). وقد غلط القتبي (٥) في هذا وزعم أنّ فتحها يكون كفرا ، وليس كما ظن ، وسواء فتحت أو كسرت إذا كانت معمولة للقول إلا إذا تعلقت بغير القول ، ولا خلل في القراءة ، ومثل الفتح قول ذي الرمة (٦) :
فما هجرتك النّفس ياميّ أنّها |
|
قلتك ولكن قلّ منك نصيبها |
ولكنّهم يا أملح النّاس أولعوا |
|
بقول إذا ما جئت هذا حبيبها |
وقال القتبي عند ذكر هذه المسألة : إذا قلت هذا قاتل أخي بالتنوين دلّ على أنه لم يقتل ، وإذا قلت هذا قاتل أخي ـ بحذف التّنوين ـ دلّ على أنّه قتل ، وهذا غلط بإجماع من النّحويين (٧) ؛ لأن التنوين قد يحذف وأنت تريد الحال والاستقبال ، قال الله تعالى : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) [المائدة : ٩٥] ، يريد : بالغا الكعبة ، وقال : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران : ١٨٥] ، أي : ستذوق".
٤ ـ تخطئته الزجاج :
يسأل المجاشعي عن العامل في (إذ) من قوله تعالى : (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) [يوسف : ٤]. قال : (٨) " والجواب : أنّه فعل مضمر ، كأنّه قال :
__________________
(١) النكت في القرآن : ١٨٣.
(٢) ينظر شرح الرضي على الكافية : ٤ / ٣٤١ ، ومعاني التنزيل : ٤ / ١٤٢ ، ومغني اللبيب : ٢ / ٣٨٤.
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٤٧١.
(٤) المصدر السّابق.
(٥) ينظر تأويل مشكل القرآن : ٢٠١. والقتبي هو : عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدّينوري (ت ٢٧٦ ه). ينظر نزهة الألبّاء : ١٥٩ ، والبلغة : ١١٦.
(٦) البيتان ليسا في ديوانه المطبوع ، وهما في الحماسة : ٢ / ١١٢ منسوبان إلى نصيب بن رباح ..
(٧) ينظر الكتاب : ١ / ٨٤ ، والمقتضب : ٣ / ٢٢٧ ، والأصول : ١ / ١٢٦ ، وسر صناعة الإعراب : ٢ / ٤٥٧.
(٨) النكت في القرآن : ٢٠٩.