ما ناقة فجملا) وأنكر المبرد (١) هذين الوجهين.
وأجود هذه الأوجه : الوجه الأول ؛ وذلك أن (يضرب) لمّا صارت لضرب الأمثال صارت في معنى (جعل) ، فجاز أن تتعدى إلى مفعولين ، وإذا كانت كذلك من جملة ما يدخل على المبتدأ والخبر ، هذا أقيس ما يحمل عليه ، وإنّما اخترته لأنني وجدت في الكتاب العزيز ما يدلّ عليه ؛ وذلك بأنني وجدت فيه قوله تعالى : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ) [يونس : ٢٤] ، فمثل الحياة الدّنيا : مبتدأ ، وكماء : الخبر ، كما تقول : إنّما زيد كعمرو ، ووجدت فيه (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ) [الكهف : ٤٥] فأنت ترى كيف دخلت (اضْرِبْ) [الكهف : ٤٥] على المبتدأ والخبر فصار هذا بمنزلة قولك : ظننت زيدا كعمرو (٢).
* علّة تأنيث : في قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا) [الأنعام : ٢٣] ، قال المجاشعي لم أنّث (تَكُنْ) والاسم مذكر؟
والجواب : لأنه وقع على مؤنث وهو (الفتنة) ، وهي أقرب إلى الفعل مثل قول لبيد :
فمضى وقدّمها وكانت عادة |
|
منه إذا هي عرّدت إقدامها |
قال الزجاج : يجوز أن يكون التقدير في قوله : (إِلَّا أَنْ قالُوا :) إلا مقالتهم ، فتؤنث لذلك وهذا وجه جيد صحيح (٣).
* علّة سببية : في قوله تعالى : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) [الحجر : ١].
قال المجاشعي" جرّ (قرآنا) لأنّه معطوف على (الكتاب) تقديره : تلك آيات الكتاب وآيات قرآن مبين.
وأجاز الفراء الرفع على تقدير : وهو قرآن مبين ، أو يكون معطوفا على آيات ، وأجاز النصب على المدح ، وأنشد :
إلى الملك القرم وابن الهمام |
|
وليث الكتيبة في المزدحم |
وذا الرّأي حين تضم الأمور |
|
بذات الصّليل وذات الّلجم |
__________________
(١) هو أبو العباس ، محمد بن يزيد ، المعروف بالمبرد (ت ٢٨٦ ه). ينظر ترجمته في : طبقات النحويين واللغويين : ١٠١ ـ ١١٠ ، ونزهة الألباء : ١٦٤.
(٢) النكت في القرآن : ٢٥ ـ ٢٦.
(٣) النكت في القرآن : ١٤٥.