لقد ذهب بيّ الظّن أول نظري في نسبة الكتاب إلى أن يكون من تأليف الإمام المقرئ أبي طاهر إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران السرقسطي (١) صاحب كتاب" العنوان في القراءات".
ومما قوى هذا الاحتمال عندي جملة أمور :
أولها : أن أبا طاهر المذكور عرف برحلته من الأندلس وإقامته بمصر وتصدره بها.
وثانيها : أنه كان ملازما للنحوي أبي الحسن علي بن إبراهيم الحوفي ، حتى عرف بصاحب الحوفي (٢).
وثالثها : أنه توفي سنة (٤٥٥ ه) ، أي : أنه عاش في زمن موافق للذي ألف فيه الكتاب.
غير أني حينما نظرت في هذه المعطيات نظرة فحص واختبار تهاوت جميعا أمام البحث العلمي ، وذلك أني وجدت الجد الأعلى لأبي طاهر بن خلف هو" عمران" لا" غالب" الذي هو الجد الأعلى لصاحب الكتاب موضوع الدرس ـ كما تقدم ـ في رواية والد" المؤلف" عن" عمه" إبراهيم بن غالب.
ووجدت أيضا أن كتاب" إعراب القرآن" لأبي طاهر كتاب ضخم بالقياس إلى الكتاب الذي بين أيدينا (٣).
بينما أتصفح تراجم" بغية الوعاة" للإمام السيوطي في حرف العين فيمن يشتركون مع الحوفي في اسم (علي) وقعت عيني في الصفحة : (١٨٣) ، من المجلد الثاني في الترجمة رقم : ١٧٤٦ على هذا العلم الذي سماه ونسبه وترجم له فقال : " علي بن فضّال بن علي بن غالب المجاشعي القيرواني أبو الحسن ..." ثم ذكر مؤلفاته ، غير أنه لم يذكر فيها كتابا باسم كتاب" إعراب القرآن".
إذن فما الذي رشحه ليكون موضوع البحث والتحقيق وأن يلفت النظر بوجه
__________________
(١) ينظر ترجمته في غاية النهاية : ١ / ١٦٤.
(٢) ينظر معجم الأدباء : ٦ / ١٦٥ / ١٦٧ ، وذكر أن كتابه" إعراب القرآن" تسع مجلدات.
(٣) توجد منه نسخة تامة بالخزانة الملكية بالرباط ، الجزء الأول منه تحت رقم (٥٢٤٤) ، ويقع في ٤٢٨ ورقة ، والجزء الثاني تحت رقم (١١٥٥٦ ز) ويقع في (٢٩٢) ورقة. ومنه الجزء الأول من النسخة الثانية بالخزانة نفسها تحت رقم (١١٥٩٦ ز) ، ويقع في (٢٧٥) ورقة. ينظر فهارس الخزانة الحسنية بالرباط : ٦ / ٣٤٠ ـ ٣٤١. قام بتحقيق سورة الحمد والبقرة الباحث موسى إبراهيم موسى ، حصل فيها على درجة الدكتوراه سنة ١٩٩٨ م ، من كلية الآداب جامعة بغداد.