يجتمع في الكلمة اعتلالان ؛ لأن ذلك إخلال ؛ ولأن أكثر القرّاء عليها ، ولأنها لغة أهل الحجاز ، والأخرى لغة بني تميم (١) ، وقال أبو النّجم (٢) :
أليس يستحيي من الفرار
وقال رؤبة (٣) في الياء الواحدة :
لا أستحي الفراء أن أميسا" (٤)
ووقف المجاشعي عند قوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ) [الواقعة : ٧٩] ، مستعرضا اختلاف العلماء فيها ، فقال : " هي نافية ، و (يمسّ) فعل مستقبل ، والمعنى : ليس يمسّه ، على طريق الخبر ، وليس ينهي. وقيل : هو نهي ، وجاء على لغة من يقول : مدّ يا فتى ، ومسّ يا فتى (٥) ؛ لأن في هذا الفعل لغات (٦) :
منها : أن تفتح آخره فتقول : مسّ ومدّ ، وهذا أفصح اللغات.
ومنها : أن تضمه فتقول : مسّ ومدّ.
ومنها : أن تكسره فتقول : مسّ ومدّ ، قال الراجز :
قال أبو ليلى لحبل مدّه |
|
حتّى إذا مددته فشدّه |
إنّ أبا ليلى نسيج وحده (٧) |
ومنها : أن يفتح ما كان على (فعل) (يفعل) نحو : مسّ وسفّ ؛ لأنه من مسست وسففت ، ويضم ما كان على (فعل) (يفعل) نحو : مدّ وعدّ ، ويكسر ما كان على (فعل) (يفعل) نحو : مرّ وفرّ ، وهذه لغات أهل نجد ، فأما أهل الحجاز فإنهم يظهرون التضعيف ، فيقولون : أمسس وأمدد وأفرر ، وعليه قوله تعالى : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ) [البقرة : ٢١٧] ،
__________________
(١) ينظر الجامع لأحكام القرآن : ١ / ٢٤٢ ، والبحر المحيط : ١ / ١٣٠ ، واللهجات العربية : ١٥١ و ٥٤٥ ، والقراءات واللهجات : ٣٧ ، ولجهة تميم : ٥٦.
(٢) ديوانه : ١١٥. وهو : الفضل بن قدامة العجلي (ت ١٣٠ ه) ينظر الشعر والشعراء : ٦٠٣ ، ومعجم الشعراء : ١٨٠.
(٣) ديوانه : ١ / ٢٢٣ ، ورؤبة هو : رؤبة بن العجاج ، واسم العجاج : عبد الله بن رؤبة بن حنيفة ، من رجاز الإسلام وفصحائهم. ينظر ترجمته في : الشعر والشعراء : ٣٩٩ ، والأغاني : ٢٠ / ٣٥٩.
(٤) النكت في القرآن : ٢٤ ـ ٢٥.
(٥) وضح الوجهين مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧١٣ ـ ٧١٤.
(٦) ينظر الصحاح : ٣ / ٩٧٨ (مسس).
(٧) لم أقف على قائله فيما توافر لي من مصادر.