علم التفسير وما كتب فيه على مرّ القرون. كلّ من أُولئك يتبيّن كيف وفِّق المؤلّف رضوان الله عليه للوفاء بكلّ ما قال في المقدّمة من علوم القرآن المتعدّدة ، وإلى أيّ مدى عال مرموق بلغ من ذلك كلّه ، وبأيّ أُسلوب بليغ عالي المنزلة عالج النواحي التي عالجها ، وبأيّ أمانة وصدر رحب نقل ما نقل من آراء مخالفيه في الرأي أو المذهب ، على ندرة هذه الخطة الأخيرة بين غير قليل من العلماء الذين يتصدون للتأليف في العلوم والفنون التي يكثر فيها الاختلاف ، ويشتدّ ، كما ترى بوضوح في كثير من المؤلّفات في علم الكلام ، وعلم الفقه. ١
يقول الطبرسي في مقدمة مجمع البيان : ابتدأت بتأليف كتاب هو في غاية التلخيص والتهذيب وحسن النظم والترتيب ، يجمع أنواع هذا العلم وفنونه ، ويحوي فصوصه وعيونه ، من علم قراءاته وإعرابه ، ولغاته وغوامضه ومشكلاته ، ومعانيه وجهاته ، ونزوله وأخباره ، وقصصه وآثاره ، وحدوده وأحكامه ، وحلاله وحرامه ، والكلام على مطاعن المبطلين ، وذكر ما ينفرد به أصحابنا ـ رضي الله عنهم ـ من الاستدلالات بمواضع كثيرة منه على صحّة ما يعتقدونه من الأُصول والفروع والمعقول والمسموع على وجه الاعتدال والاختصار ، فوق الإيجاز ودون الإكثار ـ إلى أن يقول : ـ إنّي قد جمعت في عربيته كلّ غرّة لائحة ، وفي إعرابه كلّ حجّة واضحة ، وفي معانيه كلّ قول متين ، وفي مشكلاته كلّ برهان مبين ، وهو بحمد الله للأديب عمدة ، وللنحوي عدّة ، وللمقرئ بصيرة ، وللناسك ذخيرة ، وللمتكلّم حجّة ، وللمحدّث محجّة ، وللفقيه دلالة ، وللواعظ آلة ... .
__________________
١. الدكتور محمد يوسف موسى الأُستاذ بكلية أُصول الدين في القاهرة مجلة رسالة الإسلام ، العدد الأوّل من السنة الثانية ص ٦٨.