هو أكمل المصاديق ، وليس هذا بعيداً عن طبيعة القرآن ، بل بما أنّ القرآن كتاب الأجيال والقرون ، يقتضي صحّة ذلك الجري والتطبيق ، فانّ القرآن كما عرّفه الإمام أبو جعفر محمد الباقر عليهالسلام : « ... حي لا يموت والآية حيّة لا تموت ، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام وماتوا ؛ ماتت الآية ومات القرآن. فالآية جارية في الباقين كما جرت في الماضين ». ١
ولأجل إيقاف القارئ على الفرق بين التفسير والتطبيق نأتي ببعض ما ورد في كتب أهل السنّة حول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام .
قال سبحانه : ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ). ٢
قال جلال الدين السيوطي في الدر المنثور : أخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة والديلمي وابن عساكر وابن النجّار ، قال : لمّا نزلت ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) وضع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يده على صدره فقال : أنا المنذر وأومأ بيده إلى منكب عليّ ـ رضي الله عنه ـ فقال : « أنت الهادي يا علي ، بك يهتدي المهتدون من بعدي ».
وقال : وأخرج ابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي ـ رضي الله عنه ـ سمعت رسول الله يقول : ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ) ووضع يده على صدر نفسه ، ثمّ وضعها على صدر علي ويقول : ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ). ٣
ولا يشكّ أحد أنّ علياً من المصاديق الجليّة الكاملة لقوله : ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، وليس مصداقاً منحصراً فيه ، وكان تفسير النبي الآية بعلي من باب الجري
__________________
١. مرآة الأنوار ( أبوالحسن الفتوني ) : ٢.
٢. الرعد : ٧.
٣. الدرّالمنثور : ٤ / ٤٥ ، وقد أورد نصوصاً أُخرى في ذلك المجال تركناها للاختصار.