فعند ذلك يتناول ملك الموت روحه فيسلها كما يسل الشعرة من الدقيق ، وإن كنتم ترون أنه في شدة فليس هو في شدة بل هو في رخاء ولذة ، فإذا ادخل قبره وجد جماعتنا هناك.
وإذا جاءه منكر ونكير قال أحدهما للآخر : هذا محمد وعلي والحسن والحسين وخيار صحابتهم بحضرة صاحبنا فلنتضع لهما (١) فيأتيان فيسلمان على محمد سلاما مفردا ، ثم يسلمان على علي سلاما مفردا ، ثم يسلمان على الحسنين سلاما يجمعانهما فيه ، ثم يسلمان على سائر من معنا من أصحابنا ، ثم يقولون : قد علمنا يا رسول الله زيارتك في خاصتك لخادمك ومولاك ، ولولا أن الله يريد إظهار فضله لمن بهذه الحضرة من الملائكه ومن يسمعنا من ملائكته بعدهم لما سألناه ، ولكن أمر الله لابد من امتثاله ، ثم يسألانه فيقولان : من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ومن إمامك؟ وما قبلتك؟ ومن شيعتك؟ ومن إخوانك؟
فيقول : الله ربى ، ومحمد نبيي ، وعلي وصي محمد إمامي ، والكعبة قبلتي ، و المؤمنون الموالون لمحمد وعلي وآلهما وأوليائهما المعادون لاعدائهما إخواني ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأن أخاه عليا ولي الله ، وأن من نصبهم للامامة من أطائب عترته وخيار ذريته خلفاء الامة وولاة الحق والقوامون بالصدق ، فيقولان : على هذا حييت ، وعلى هذا مت ، وعلى هذا تبعث إن شاء الله تعالى ، وتكون مع من تتولاه في دار كرامة الله ومستقر رحمته.
قال رسول الله صلى الله وعليه واله : وإن كان لاوليائنا معاديا ولاعدائنا مواليا ولاضدادنا بألقابنا ملقبا فإذا جاءه ملك الموت لنزع روحه مثل الله عزوجل لذلك الفاجر سادته الذين اتخذهم أربابا من دون الله ، عليهم من أنواع العذاب ما يكاد نظره إليهم يهلكه ولا يزال يصل إليه من حر عذابهم ما لا طاقة له به ، فيقول له ملك الموت : يا أيها الفاجر الكافر تركت أولياء الله إلى أعدائه ، فاليوم لا يغنون عنك شيئا ، ولا تجد إلى مناص (٢) سبيلا ، فيرد عليه من العذاب ما لو قسم أدناه على أهل الدنيا لاهلكهم ، ثم إذا دلي في
__________________
(١) اى فلنتذلل ولنتخشع لهما.
(٢) المناص : الملجأ والمفر.