قبره رأى بابا من الجنة مفتوحا إلى قبره يرى منه خيراتها ، فيقول له منكر ونكير : انظر إلى ما حرمت من تلك الخيرات ، ثم يفتح له في قبره باب من النار يدخل عليه منه من عذابها فيقول : رب لا تقم الساعة يارب لا تقم الساعة.
بيان : الضرغام بالكسر الاسد.
٢ ـ م : قوله عزوجل « الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم » (١) الذين يقدرون أنهم يلقون ربهم اللقاء الذي هو أعظم كراماته ، وإنما قال : يظنون لانهم لا يرون بماذا يختم لهم ، والعاقبة مستورة عنهم « وأنهم إليه راجعون » إلى كراماته ، ونعيم جنانه ، لايمانهم وخشوعهم ، لا يعلمون ذلك يقينا لانهم لا يأمنون أن يغيروا ويبدلوا ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة ، لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له.
وذلك أن ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علة ، وعظيم ضيق صدره ، بما يخلف من أمواله ، ولما هو عليه من اضطراب أحواله في معامليه وعياله ، وقد بقيت في نفسه مرارتها وحسراتها ، واقتطع دون أمانيه فلم ينلها ، فيقول له ملك الموت : مالك تجرع غصصك؟ قال : لاضطراب أحوالي واقتطاعك لي دون آمالي ، فيقول له ملك الموت : وهل يحزن عاقل من فقد درهم زائف واعتياض ألف ألف ضعف الدنيا؟ فيقول : لا ، فيقول ملك الموت : فانظر فوقك ، فينظر فيرى درجات الجنة وقصورها التي يقصر دونها الاماني ، فيقول ملك الموت : تلك منازلك ونعمك وأموالك و أهلك وعيالك ، ومن كان من أهلك ههنا وذريتك صالحا فهم هناك معك ، أفترضى به بدلا مما هناك؟ فيقول : بلى والله.
ثم يقول : انظر فينظر فيرى محمدا وعليا والطيبين من آلهما في أعلا عليين ، فيقول : أو تراهم؟ هؤلاء ساداتك وأئمتك ، هم هناك جلاسك وآناسك ، (٢) أفما ترضى
__________________
(١) البقرة : ٤٦.
(٢) الجلاس جمع الجليس. الاناس جمع الانس : من تأنس به.