قيل : لان ما يقصر فيه الصلاة بريدان (١) ذاهبا أو بريد ذاهبا وجائيا ، والبريد أربعة فراسخ فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير ، وذلك أنه يجئ فرسخين (٢) ويذهب فرسخين فذلك أربعة فراسخ وهو نصف طريق المسافر.
فإن قال : فلم زيد في صلاة السنة يوم الجمعة أربع ركعات؟ قيل : تعظيما لذلك اليوم وتفرقة بينه وبين سائر الايام.
فإن قال : فلم قصرت الصلاة في السفر؟ قيل : لان الصلاة المفروضة أولا إنما هي عشر ركعات ، والسبع إنما زيدت فيها (٣) بعد ، فخفف الله عنه (٤) تلك الزيادة لموضع سفره (٥) وتعبه ونصبه ، واشتغاله بأمر نفسه وظعنه (٦) وإقامته ، لئلا يشتغل عما لابد له من معيشته ، رحمة من الله تعالى وتعطفا عليه ، إلا صلاة المغرب فإنها لم تقصر لانها صلاة مقصرة (٧) في الاصل.
فإن قال : فلم يجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قيل : لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والاثقال فوجب التقصير في مسيرة يوم.
فإن قال : فلم وجب التقصير في مسيرة يوم؟ (٨) قيل : لانه لو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة سنة ، (٩) وذلك أن كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم ، فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره إذا كان نظيره مثله لا فرق بينهما.
فإن قال : قد يختلف السير (١٠) فلم جعلت أنت (١١) مسيرة يوم ثمانية فراسخ؟ قيل : لان ثمانية فراسخ هي مسير الجمال والقوافل (١٢) وهو السير الذي يسيره الجمالون والمكارون.
__________________
(١) في العيون : بريدان ذاهب وكذا في الفقرة الاخرى. م
(٢) في المصدرين : على فرسخين.
(٣) في العيون : عليها. م (٤) في العيون : عنهم. وفى العلل : فخفف الله نلك اه.
(٥) في العيون : لموضع السفر. م (٦) الظعن : السير والترحال.
(٧) في المصدرين : مقصورة. م
(٨) في العيون : في مسيرة يوم لا اكثر. م (٩) في العلل : مسيرة الف سنة. م
(١٠) في العلل ههنا زيادة وهى هذه : وذلك ان سير البقر إنما هو أربعة ، وسير الفرس عشرين فرسخا.
(١١) في العيون : جعلت مسيرة. م
(١٢) في العلل بعد هذه الفقرة : وهو الغالب على المسير وهو اعظم السير الذى يسيره الجمالون والمكارون. م