إلى يوم القيامة » ولولا أنه صلىاللهعليهوآله كان ساق الهدي ولم يكن له أن يحل حتى يبلغ الهدي محله لفعل كما أمر الناس ، ولذلك قال : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم ، ولكني سقت الهدي ، وليس لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله » فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله نخرج حجاجا ورؤوسنا تقطر من ماء الجنابة ، فقال : إنك لن تؤمن بهذا أبدا.
أقول : ليس في العلل قوله : وقال النبي صلىاللهعليهوآله إلى قوله : لن تؤمن بهذا ، وهو موجود في العيون ، وفي العلل مكانه زيادة ليست فيه وهي هذه : ويكون بينهما فصل و تمييز ، وأن لا يكون الطواف بالبيت محظورا لان المحرم إذا طاف بالبيت قد أحل إلا لعلة ، فلولا التمتع لم يكن للحاج أن يطوف لانه إن طاف أحل وفسد إحرامه ويخرج منه قبل أداء الحج ، ولان يجب على الناس الهدي والكفارة فيذبحون وينحرون و يتقربون إلى الله جل جلاله فلا تبطل هراقة الدماء والصدقة على المسلمين. ولنرجع إلى المشترك بين الكتابين :
فإن قال : فلم جعل وقتها عشر ذي الحجة؟ قيل : لان الله تعالى أحب أن يعبد بهذه العبادة في أيام التشريق فكان أول ما حجت إليه الملائكة وطافت به في هذا الوقت فجعله سنة ووقتا إلى يوم القيامة ، فإما النبيون آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم وغيرهم من الانبياء إنما حجوا في هذا الوقت فجعلت سنة في أولادهم إلى يوم القيامة.
فإن قال : فلم امروا بالاحرام؟ قيل : لان يخشعوا قبل دخول حرم الله عزوجل وأمنه ، ولئلا يلهوا ويشتغلوا بشئ من أمر الدنيا وزينتها ولذاتها ، ويكونوا جادين فيما فيه ، قاصدين نحوه ، مقبلين عليه بكليتهم ، مع ما فيه من التعظيم لله عزوجل ولنبيه (١) والتذلل لانفسهم عند قصدهم إلى الله عزوجل ووفادتهم إليه ، راجين ثوابه
__________________
(١) في العيون ولبيته واعلم أنه كان بين المصدرين وبينهما مع نسخ الكتاب اختلافات جزئية عدا ما ذكرنا ، وزوائد ونواقص لا يعبأ بها ، أعرضنا عن التعرض لذكرها لعدم اختلال المعنى وتغيره بتركها. م