« استنجيت غسلت موضع النجو أو مسحته بحجر أو مدر ، والأول مأخوذ من استنجيت الشجر إذا قطعته من أصله ، لأن الغسل بالماء يزيل الأثر ، والثاني مأخوذ من استنجيت النخلة إذا التقطت رطبها ، لأن المسح لا يقطع النجاسة ، بل يبقى أثرها » وهو ظاهر فيما قلناه ، لا يقال ان ذلك مأخوذ في الغسل لسائر النجاسات ، فما الداعي إلى اشتراطه في المقام وإيجاب إزالته ، بل هو مقتضى الأمر بغسل النجاسة ، إذ لا معنى لغسلها مع بقاء بعض منها ، لأنا نقول هو أنه لما قام الإجماع على الاجتزاء بالمسح بالأحجار ، وظاهر الأدلة حصول الطهارة بذلك ، ومن المعلوم بل ربما نقل الإجماع عليه أن المسح بالأحجار لا يزيل هذه الأجزاء الصغار الدقاق ، بل لو كلف بإزالتها بها لكان فيه من المشقة والعسر بل التعذر وإثارة الوسواس ما لا يخفى ، وهو مناف لحكمة مشروعية التخفيف والتسهيل ، فقد يتخيل متخيل ان الاستنجاء بالماء حده المقدار الذي يزال بالأحجار وذلك لحصول الطهارة بالمسح بها كما عرفت ، فلا يجب حينئذ إزالة الأثر ، بل يكون معفوا عنه ، مؤيدا لذلك بأن الأخبار حدت مطلق الاستنجاء بمطلق النقاء والإذهاب وبذلك اعترض بعضهم على ما ذكرنا من تفسير الأثر بالاجزاء ، قال : « لا دليل على وجوب إزالتها ، بل يدل على عدمه الاستجمار ، للإجماع على أنه لا يزيله ، إلا أن يقال انه لا يطهر ، بل يعفى عما بقي معه ، وهو خلاف نص التذكرة والمنتهى والمعتبر وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) في الدم : « لا يضر أثره » وقول الكاظم عليهالسلام لأم ولد لأبيه لما غسلت ثوبها من دم الحيض ولم يذهب أثره : « اصبغيه بمشق » قال : إلا أن يقال بالوجوب إذا أمكن ».
وفي كشف اللثام قلت : ولا يندفع به الاشكال ، للزوم قصر الاستجمار على الضرورة ، وان لا يطهر المحل وان عفي عما فيه ، ويلزم منه تنجيسه ما يلاقيه برطوبة ، قلت : لا مانع من التزام طهارة هذه الأجزاء حال التمسح بالأحجار خاصة ، كما صرح
__________________
(١) سنن البيهقي ـ ج ٢ ص ٤٠٨.