به في المعتبر والمنتهى ، وقد يشعر به قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) في العظم والروث : « أنهما لا يطهران » ان لم يرد بها النقاء ونحوه ولو مجازا ، كما لعله الظاهر منه ، وقوله عليهالسلام (٢) : « يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار » بل سائر ما دل على الاستجمار ومساواته للماء في حصول الطهارة ، إذ ليس ذلك بأبعد من التزام طهارتها في الحالين ، كما يلتزم به المعترض ، ودعوى أن المدار على النقاء ، فان حصل بدون إذهاب هذه الأجزاء فليجتز به في المقامين ، وإلا فلا يجتزى به فيهما يدفعها أن النقاء لكل شيء بحسبه ، فنقاء الأحجار للسيرة والطريقة وحصول العسر والمشقة إزالة العين دون الأثر ، بخلاف الماء ، فإنه بإزالة الآثار كما في سائر النجاسات ، وما نقله من قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا يضر أثر الدم » فليس المراد به ما نحن فيه قطعا ، بل المراد مالا يزيله الغسل من اللون ونحوه ، كالأثر في سؤال الكاظم ، عليهالسلام هذا مع ان الأصل يقتضي نجاسة هذه الأجزاء وإيجاب إزالتها. لشمول اسم الكل لها ، والمعلوم من عفو الشارع انما هو في المسح بالأحجار لمكان العسر والحرج ، بخلاف الماء ، فيبقى على الأصل والقاعدة ، إذ لا عسر ولا حرج ، ويشير إليه أيضا قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) لعائشة : « مري نساء المدينة يستنجين بالماء. ويبالغن ، فإنه مطهرة للحواشي » فإن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويبالغن مع التعليل مشعر بذلك ، أو يقال انا لا نلتزم طهارة تلك الأجزاء حال المسح بالأحجار ، بل نقول : انه معفو عنها وعما يلاقيها مما يكون في اجتنابه عسر ما دامت على المحل ، أما لو ارتفع ذلك فإنها تنجس ما يلاقيها ، ولا ينافي ما ذكرنا من التحديد بزوال العين ما وقع لبعضهم من التحديد بالنقاء كالخبر ، لما عرفت من أن النقاء في كل شيء بحسبه ، كما سمعت ذلك في الرواية ، فالنقاء حينئذ متحد المعنى ، لكن مختلف بالنسبة إلى ما يحصل به ، فان نقاء كل شيء بحسب حاله.
__________________
(١) المنتقى لابن تيمية على هامش نيل الأوطار للشوكانى ج ١ ص ٨٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٣.