بل خبر أبي بصير (١) عن الصادق عليهالسلام كالصريح في ذلك ، قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الخمر يصنع فيها الشيء حتى تحمض ، قال : إذا كان الذي صنع فيها هو الغالب على ما صنع فيه فلا بأس » بل خبره الآخر المتقدم سابقا كذلك إن قرأ « يقلبها » فيه بالغين المعجمة ، بل هو بعد الاستهلاك لا يصدق عليه اسم الخمر حتى يتحقق الانقلاب والتحول والاستحالة ، لصيرورته خلا وإن لم يكن باستحالة وانقلاب ، إذ سلب اسم الخمرية عنه وتسميته خلا أعم منهما ، والاكتفاء بالانقلاب التقديري الفرضي لا دليل عليه ، بل ظاهر الأدلة خلافه ، كظهورها في عدم الاكتفاء بالاستهلاك من غير انقلاب حتى باعتراف الخصم ، ولذا اعتبر مضي زمان ينقلب فيه مثله ، على أن طهارة الخمر بالخل مخالفة للضوابط ، ولذلك اختص به من بين المائعات.
فينبغي الاقتصار فيها على المتيقن ، بل لعل التأمل الجيد يشرف الفقيه الماهر على القطع بعدم طهارة الكثير جدا من الخل بتبعيته لانقلاب قطرة خمر وقعت فيه واضمحلت في أجزائه.
بل قد يقال : إنه لا يمكن حصول اليقين بصيرورته خلا طبيعة ، إذ لعل هذا الاستهلاك والحموضة العارضة من الخل تمنع من ذلك ، كما أن ترك الأمر به في كثير من الأخبار ـ مع سهولته ، وإمكان تطهير أكثر أفراد الخمر به لتيسر إهلاكه بالخل في غالب الأوقات ـ أوضح شاهد على ما ذكرنا ، إلى غير ذلك من المؤيدات الكثيرة الظاهرة بالتأمل في الأدلة مع الانصاف.
فلا ريب ان الأقوى عدم الطهارة في الفرض المذكور ، كما ان الأقوى عدم طهارة الخمر لو تنجست بنجاسة خارجية وان لم تبق عينها بناء على تضاعف النجاسة ، اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن ، بل الظاهر ، إذ الانقلاب يطهر من النجاسة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الأشربة المحرمة ـ الحديث ٢.