وكذا ما يتمسك به للقائل بطهارة القطرة والقطرات من عموم مرسل الكاهلي يدفعه المنع من تسميته ماء مطر ، كما أنه يدفع ما يقال لو نجست القطرة بالملاقاة لنجس الأكثر بذلك أيضا ، إذ المطر ليس إلا قطرات متعددة أنه من الجائز تقوي القطرة باتصال التقاطر ، كتقوي الجرية باتصال الجاري ، وهو واضح.
فظهر لك من ذلك كله بحمد الله ان التحقيق كونه كالجاري جرى حقيقة أو حكما أو لم يجر ، فالماء النجس يكفي في تطهيره حينئذ وقوع قطرات المطر عليه ، لاتصاله حينئذ بالجاري من غير حاجة إلى انتظار الامتزاج ، بناء على عدم اعتباره في أمثاله ، بل وعليه أيضا ، لإمكان دعوى الاستغناء هنا خاصة بقوله عليهالسلام : « كل شيء رآه ماء المطر » معتضدا بإطلاق الآيتين (١) إن قلنا باستفادة تعميم كيفية التطهير منهما ، والقول بعدم صدق رؤية ماء المطر له إلا باستيعابه تماما المتعذر ذلك بالنسبة للتقاطر ، بل إن كان يتحقق فهو بغيره مما لا ينبغي أن يصغى اليه ، بل يمكن أن يدعى الصدق المذكور بالقطرة الواحدة ، فيطهر بها حينئذ كما حكاه الشهيد الثاني عن بعض من عاصره من السادة ، بل قال هو : « إنه ليس ببعيد ، لكن العمل على خلافه » انتهى. قلت : وهو كذلك ، بل قد يمنع كونه على خلافه ، أو يسلم ويمنع حجية مثله.
كما أنه يؤيد بما تقدم تقريره هناك في باب المياه من أن القطرة الواحدة المحكوم عليها بأنها كالجاري بعد اتصالها بالماء النجس فاما أن يطهر النجس أو ينجس الطاهر أو يبقى كل على حكمه ، لا سبيل للثالث ، إذ ليس لنا ماء واحد بعضه طاهر وبعضه نجس ، كما لا سبيل لسابقه بعد فرض كونه كالجاري ، فلم يبق إلا الأول ، فيطهر حينئذ أول جزء ثم يطهر الباقي في زمان واحد ، وهذا لا ينافي ما قدمناه سابقا من عدم الاجتزاء بالقطرة والقطرتين للفرق الواضح ، إذ المراد بعدم الاجتزاء هناك انما هو في أصل
__________________
(١) سورة الأنفال ـ الآية ١١ وسورة الفرقان ـ الآية ٥٠.