أبيه ، وإلا فكلا القولين قوله ، والأخذ بهما جميعا ممتنع ، والتخيير غير مقصود ، على أنه لو كان المراد قوله مع أبيه لكان ينبغي إسناده إليهما معا أو إلى أبي جعفر عليهالسلام كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام ، وهي ـ مع اشتمالها على الاعراض عن تلك الأخبار ـ دالة على النجاسة أكمل دلالة وأبلغها ، مع علو سندها وتعدد طريقها ، ومروية عن الامام اللاحق حاكمة على الأخبار المروية عمن قبله ، وليس في تلك الأخبار ما يعادلها نفسها ، سيما بعد اعتضادها بما عرفت.
ولقد أجاد المحقق الشيخ حسن في المنتقى على ما نقل عنه حيث اقتصر عليها في أدلة النجاسة ، وفيها تصديق لما رواه الشيخان في الصحيح عن يونس بن عبد الرحمن (١) ـ الذي هو ممن أجمعت الصحابة على تصحيح ما يصح عنه ، وأقروا له بالفقه والعلم ـ عن بعض من رواه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ مسكر فاغسله ان عرفت موضعه ، وان لم تعرف موضعه فاغسله كله ، فان صليت فيه فأعد صلاتك ».
إذ الظاهر أن الرواية المأمور بأخذها هي هذه ، لمطابقة متنها له ، واتحاد المروي عنه فيهما ، ولقد قصر الكلام بعد ما عرفت عن إبداء العجب من هؤلاء المتأخرين في تشكيكهم بهذا الحكم المجمع عليه بين الأساطين ، بل بين علماء المسلمين ، بل كاد ان يكون ضروري مذهب أو دين ، وان كان أول من جرأهم عليه المصنف في المعتبر ، وكيف لا يزداد العجب ولا معارض إلا ما سمعته من تلك الأخبار الواجبة للطرح أو التأويل أو الحمل على التقية من بعض المخالفين سيما من ربيعة الرأي ، إذ هو على ما قيل من فقهاء المدينة وشيوخ مالك وكان في عصر الصادق عليهالسلام ، فلا غرو أن يتقى منه ، خصوصا مع ملائمته لطباع السلاطين وذي الشوكة من أمراء بني أمية وبني العباس
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ٣.