بعدم الضمان.
نعم يمكن الرد على المصنف بإنكار الدليل عليها في المقام ، إذ من المعلوم أن المسلم من هذه القاعدة ما وافق الأدلة منها ، ضرورة عدم دليل بالخصوص عليها وليس الفاسد من حيث كونه فاسدا يترتب عليه ما يترتب على الصحيح ، بل مقتضى فساده عدم ترتب أثر الصحيح عليه ، كما هو واضح. وليس في الأدلة ما يوافق مضمونها بل قد عرفت أن قاعدة اليد وعموم من أتلف والمرسل والخبر الضمان ، وإن اقتضت قاعدة الغرور ، الرجوع على الغاصب ، ودعوى الإجماع عليها معلومة الفساد في المقام ، إذ المشهور بين الأصحاب الضمان هنا مع الجهل ، وإن رجع بقاعدة الغرور كدعوى عموم ما دل على عدم الضمان بالعارية للمقام ، لأنها اسم للأعم من الصحيح والفاسد ، ضرورة تخصيص العموم بالخبر والمرسل السابقين المعتضدين بالشهرة بين الأصحاب التي هي المرجحة أيضا لعموم من أتلف وعلى اليد عليه ، بل قد يدعى انسياق الصحيح من أكثر هذه الاحكام فلا تعارض حينئذ ، ومن ذلك وغيره يعلم عدم كون المقام فردا من القاعدة المزبورة ، أو خارجا عنها ، كحال العلم للمستعير الذي أشار إليه بقوله.
أما لو كان عالما كان ضامنا ، ولم يرجع على الغاصب بشيء لعدم غروره ولانه غاصب ، بل لو أغرم المالك الغاصب المعير حيث أن له الرجوع عليه رجع هو على المستعير الذي استقر الضمان عليه بحصول التلف عنده مع عدم غروره ، بل الظاهر أنه يرجع عليه أيضا بقيمة العين لو رجع عليه المالك وإن كان جاهلا ، إذ كان قد أقدم على العارية مضمونة باشتراط الضمان أو كانت ذهبا أو فضة ، لعدم غروره حينئذ ، بل هو كذلك لو صدر منه ما يقتضي الضمان من تعد أو تفريط.
نعم لا يرجع عليه المالك بعوض المنافع التي استوفاها المستعير بعنوان العارية لو رجع عليه المالك ، لإقدامه عليها مجانا ، بل هو يرجع على المعير الغاصب لو رجع المالك عليه بها لقاعدة الغرور.