وكيف كان فلا ريب في وجوب اقتصار الوكيل على ما يستفاد من الموكل ، ولو بالقرائن الحالية والمقالية ، ومن هنا ذكر غير واحد من الأصحاب بل لا أجد فيه خلافا أن إطلاق الوكالة في البيع أو الشراء مثلا يقتضي البيع والابتياع بثمن المثل ، بنقد البلد حالا ، وأن يبتاع الصحيح دون المعيب وحينئذ لو خالف في شيء من ذلك لم يصح ولم يلزم ولكن صح ووقف على إجازة المالك.
نعم لا بأس بما يتسامح به من الزيادة والنقصان في مثل ذلك المبيع ، بل لعل ذلك أجمع من ثمن المثل ، لعدم انضباطه بالنسبة إلى ذلك ، كما أنه ينبغي تقييد ذلك أيضا بما إذا لم يوجد الباذل للأزيد والأنقص ، وإلا وجب مراعاته ، للشك في الإذن له بغيره معه.
بل قد يحتمل وجوب ذلك عليه ، فيما لو اتفق الباذل بعد البيع أو الشراء في مدة الخيار ، فينفسخ مقدمة لذلك ، للزوم مراعاة المصلحة للمالك ، بل قد يقال : ذلك فيما لو عين له البيع بمقدار ، والشراء كذلك ، فاتفق حصول الباذل للأزيد والأنقص ، حملا للتعيين على ما هو المتعارف من عدم وجود الباذل اللهم إلا أن يحتمل الغرض له به ، ولعله على ذلك ينزل خبر عروة البارقي (١) لا على الفضولية.
وعلى كل حال فكل تصرف من الوكيل يقع على خلاف مصلحة الموكل كالبيع بدون ثمن المثل أو به مع وجود الباذل أو شراء المعيب يكون فضوليا حينئذ.
ودعوى الفرق ـ بين المعيب والبيع بدون ثمن المثل مثلا ، فيحكم بالأول للمالك ، وبالثاني بالفضولية ، لأن العيب قد يخفى بخلاف البيع بدون ثمن المثل ـ واضحة المنع ، ضرورة إمكان الخفاء في كل منهما ، في كثير من أفرادهما ، كما أنه لا خفاء في بعض أفرادهما على أحد.
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص.