وما كان ليتمّ لبني العبّاس ما أملوه لو لا ادعاؤهم ذلك ، ولو لم يكن الذين نهضوا بهم واتخذوا منهم جسرا عبروا عليه إلى مآربهم شيعة لأهل البيت ، من دون تفريق بين العبّاسي والطالبي ، ولا بين العلوي والجعفري والعقيلي ، ولا بين الحسني والحسينى.
وهكذا كانت الدعوة والنهضة من كلّ هاشمي كنهضة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بالكوفة ثمّ بفارس وفيهما أولياء لأهل البيت ، وقد قضى عليه أبو مسلم بعد تفرّق الناس عنه والتجائه إليه ، وما كان من زيد وابنه يحيى من النهضة ، ولا من الأخوين محمّد وإبراهيم من الدعوة إلاّ لأنهم من أهل البيت وأن غاياتهم من الدعوة أخذ التراث من أعداء أهل البيت.
ولكن قد وضح للناس بعد ذلك أنّ بني العبّاس ليسوا من أهل البيت ، حين سلّوا سيف البغي على أهل البيت قربى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وعرف الناس أنّ الدعوة من بني العبّاس لقلب دولة أميّة باسم الثأر لقتلى الطف وصليب الكناسة والجوز جان وغيرهم كانت سبيلا للوصول إلى أمنيّتهم المقصودة ، لأنه بعد أن بنوا من جماجم اولئك الاغرار من محبّي أهل البيت قواعد سلطانهم ظهرت كوامن صدورهم ، وما قصدوه من الوليجة إلى غاياتهم ، حتى أن محمّدا وإبراهيم اختفيا عند قبض السفّاح عن أعنة الحكم ، وما اختفيا إلاّ لما يعلمانه من سوء نواياه مع الادنين من الرسول ، والشواهد على ذلك من ضغطهم على أهل البيت وشيعتهم اكثر من أن تحصر ، وفي ثنايا الكتاب سيمرّ عليك من هذا القبيل ما فيه مقنع.
* * *