ومعرفة ناقصة ثمّ لا يزال يتزايد في المعرفة قليلا قليلا وشيئا بعد شيء وحالا بعد حال ، حتّى يألف الأشياء ويتمرّن ويستمرّ عليها ، فيخرج من حدّ التأمّل لها والحيرة فيها الى التصرّف والاضطراب في المعاش بعقله وحيلته والى الاعتبار والطاعة والسهو والغفلة والمعصية ، وفي هذا أيضا وجوه أخر فإنه لو كان يولد تامّ العقل مستقلاّ بنفسه لذهب موضع حلاوة تربية الأولاد ، وما قدر أن يكون للوالدين في الاشتغال بالولد من المصلحة ، وما يوجب التربية للآباء على الأبناء من المكافاة بالبرّ والعطف عليهم عند حاجتهم الى ذلك منهم ، ثمّ كان الأولاد لا يألفون آباءهم ولا يألف الآباء أبناءهم ، لأن الأولاد كانوا يستغنون عن تربية الآباء وحياطتهم فيتفرّقون عنهم حين يولدون ، فلا يعرف الرجل أباه وأمّه ولا يمتنع من نكاح امّه واخته وذوات المحارم منه إذ لا يعرفهنّ ، وأقلّ ما في ذلك من القباحة ، بل هو أشنع وأعظم وأفظع وأقبح وأبشع لو خرج المولود من بطن امّه وهو يعقل أن يرى منها ما لا يحلّ له ، ولا يحسر به أن يراه ، أفلا ترى كيف اقيم كلّ شيء من الخلقة على غاية الصواب وخلا من الخطأ دقيقه وجليله.
أقول : إن بعض هذا البيان البديع من الامام عن تدرج الانسان في نموّه ، ونموّه في أوقاته كاف في حكم العقل بأنّ له صانعا صنعه عن علم وحكمة وتقدير وتدبير.
ثمّ أن الصادق عليهالسلام جعل يذكر فوائد البكاء للأطفال من التجفيف لرطوبة الدماغ وأن في بقاء الرطوبة خطرا على البصر والبدن.
ثمّ ساق البيان الى جعل آلات الجماع في الذكر والانثى على ما يشاكل أحدهما الآخر ، ثمّ ذكر أعضاء البدن والحكمة في جعل كلّ منها على الشكل الموجود ، وهاهنا يقول له المفضّل : يا مولاي إن قوما يزعمون أن هذا من فعل