« تحارب من بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين » (١) ولو كان القصد من حربه لأبي الحسن ـ عليهالسلام ـ الطلب بقتلة عثمان لما أغضى عنهم حين انتهى الأمر إليه ، ولا أدري كيف كان معاوية وليّ عثمان والمرتضى هو أمير المؤمنين ووليّهم.
لعمر الحق ما كان شأن معاوية خافيا لندلّل ونأتي بالشواهد عليه ، ولو لم يكن حربا للاسلام ولرسوله لما سنّ الشفرة للقضاء على آل الرسول ، والقرآن يهتف باحترامهم ومودّتهم ، والرسول يدعو إلى ولائهم والتمسك بهم ، وما ذنبهم لدى معاوية إلاّ أنّهم عترة الرسول ورهطه ، ورعاة الدين ودعاته ، ولو صافحهم أو صفح عنهم لم ينل مأربه من الزعامة ، ومقصده من حرب الرسول وشريعته. (٢)
ولم يهلك معاوية مستوفيا لأمانيه من محاربة الرسول والرسالة حتى أرجأ ذلك إلى دعيّه يزيد ، غير أن يزيد لم يكن لديه دهاء أبيه معاوية فيدسّ السمّ بالدسم لكيد الاسلام ، فمن ثمّ برزت نواياه على صفحات أعماله واضحة من دون غشاء ولا غطاء ، فما أصبح إلاّ وأوقع بالحسين سبط الرسول وريحانته وسيّد شباب أهل الجنّة ، وبرهطه صفوة الناس في الصلاح والفضيلة ، وما أمسى إلاّ وتحكّم ما يشاء في دار الهجرة وبقايا الصحابة ، من دون أن يحول عن العبث بها دين أو مروّة أو عفاف ، وما عتم إلاّ وهو محاصر للبيت ترميه حجارته وتفتك بأهليه ورمايته.
وأيّ رهط أذب عن الاسلام وأحمى لحوزته من الحسين وأهله؟ وأيّ بلد
__________________
(١) معاني الأخبار : ٢٠٤ وسنن ابن ماجه : ٨ ح ٣٩٥٠ ..
(٢) شرح النّهج : ١ / ٤٦٣ ، ومروج الذهب : ١ / ٣٤١ فيما يرويانه عن المغيرة بن شعبة في تكفيره لمعاوية وهو المغيرة فكيف إذن معاوية ، ويل لمن كفره النمرود ..