وهم ، فقلت : يرحمك الله وأيّ شيء نقول وأيّ شيء يقولون ، ما قولي وقولهم إلاّ واحد ، فقال : وكيف يكون قولك وقولهم واحدا ، وهم يقولون إن لهم معادا وثوابا وعقابا ، ويدينون بأن للسماء إلها وأنها عمران ، وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد ، قال : فاغتنمتها منه فقلت له : ما منعه إن كان الأمر كما يقولون أن يظهر لخلقه يدعوهم الى عبادته حتّى لا يختلف فيه اثنان؟ لم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل؟ ولو باشرهم بنفسه كان أقرب الى الإيمان به ، فقال لي : ويلك كيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك؟ نشوّك (١) ولم تكن ، وكبرك بعد صغرك ، وقوّتك بعد ضعفك ، وضعفك بعد قوّتك ، وسقمك بعد صحتك ، وصحتك بعد سقمك ، ورضاك بعد غضبك ، وغضبك بعد رضاك ، وحزنك بعد فرحك ، وفرحك بعد حزنك ، وحبّك بعد بغضك وبغضك بعد حبّك ، وعزمك بعد إنابتك (٢) ، وإنابتك بعد عزمك ، وشهوتك بعد كراهتك ، وكراهتك بعد شهوتك ، ورغبتك بعد رهبتك ، ورهبتك بعد رغبتك ، ورجاءك بعد يأسك ، ويأسك بعد رجائك ، وخاطرك لما لم يكن في وهمك ، وغروب (٣) ما أنت معتقده عن ذهنك وما زال يعدّ (٤) عليّ قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها ، حتّى ظننت أنه سيظهر فيما بيني وبينه (٥).
ودخل على الصادق عليهالسلام يوما فقال : أليس تزعم أن الله تعالى خالق كلّ شيء؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : بلى ، فقال : أنا أخلق ، فقال له :
__________________
(١) نشأك في نسخة ..
(٢) الإنابة : الرجوع ، وفي نسخة : إبائك ، وفي نسخة اخرى : إناءتك وهي الإبطاء ..
(٣) وفي نسخة عزوب ..
(٤) وفي نسخة يعدّد ..
(٥) الكافي : كتاب التوحيد منه ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ..