وحفص بن سالم (١) وأناس من رؤساء المعتزلة ، وذلك حين قتل الوليد واختلف أهل الشام بينهم ، فتكلّموا وأكثروا ، وخطبوا فأطالوا ، فقال لهم الصادق عليهالسلام : إنكم قد أكثرتم عليّ فأطلتم فأسندوا أمركم الى رجل منكم ، فليتكلّم بحجّتكم وليوجز ، فأسندوا أمرهم الى عمرو بن عبيد فأبلغ وأطال ، فكان فيما قال : قتل أهل الشام خليفتهم ، وضرب الله بعضهم ببعض وتشتّت أمرهم ، فنظرنا فوجدنا رجلا له دين وعقل ومروّة ومعدن لخلافة ، وهو محمّد بن عبد الله بن الحسن ، فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه ثمّ نظهر أمرنا معه ، وندعو الناس إليه ، فمن بايعه كنّا معه وكان معنا ، ومن اعتزلنا كففنا عنه ، ومن نصب لنا جاهدناه ، ونصبنا له على بغيه ، ونردّه الى الحقّ وأهله ، وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فإنه لا غناء لنا عن مثلك ، لفضلك وكثرة شيعتك.
فلما فرغ قال أبو عبد الله عليهالسلام : أكلّكم على مثل ما قال عمرو؟
قالوا : نعم ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ قال : إنّما نسخط اذا عصي الله فاذا اطيع الله رضينا ، أخبرني يا عمرو لو أن الامّة
__________________
(١) أمّا عمرو بن عبيد فهو بصري من تلامذة الحسن البصري ، وشهرته تغني عن تعريفه ، وهو ممّن لقي الصادق وروى عنه ، وسأله عن الكبائر فأجابه عليهالسلام عنها مفصّلا ، وكانت ولادته عام ٨٠ ووفاته ١٤٤ ..
وأما واصل فشهرته أيضا تغني عن بيان حاله ، وكان بليغا فصيحا وهو من رؤساء المعتزلة ، وكان يلتغ بالراء ويتجنّبها في كلامه ، ولد عام ٨٠ ومات ١٣١.
وأمّا حفص فلم أظفر بترجمته غير أن في ميزان الاعتدال ذكر حفص بن سلم أبا مقاتل السمرقندي وقد طعن فيه.
قال أبو الفرج في المقاتل : كان اجتماعهم في دار عثمان بن عبد الرحمن المحزومي للمذاكرة في أمر من يقوم بالناس فرجّحوا محمدا قبل أن يغدوا على الصادق عليهالسلام.