وزيد عليهالسلام ما ادّعى الامامة لنفسه بل ادّعتها الناس له ، وما دعاه للنهضة إلاّ نصرة الحقّ وحرب الباطل ، وزيد أجلّ شأنا من أن يطلب ما ليس له ، ولو ظفر لعرف أين يضعها ، وقد نسبت بعض الأحاديث ادّعاءه الإمامة لنفسه ، ولكن الوجه فيها جليّ ، لأن الصادق عليهالسلام كان يخشى سطوة بني أميّة ، ولا يأمن من أن ينسبوا إليه خروج زيد ، وإن قيامه بأمر منه ، فيؤخذ هو وأهله وشيعته بهذا الجرم ، فكان يدفع ذلك الخطر بتلك النسبة ، ولو كان زيد كما تذكره هذه الأحاديث لم يبكه قبل تكوينه جدّاه المصطفى والمرتضى عليهما وآلهما السّلام ، ولم تبلغ بهما ذكريات ما يجري عليه مبلغا عظيما من الحزن والكآبة ، كما هو الحال في آبائه عند ما يذكرون مقتله وما يجري عليه بعد القتل.
وكفى في إكبار نهضته وبراءته مما يوصم به بكاء الصادق عليهالسلام عليه وتقسيمه الثائرين معه بالمؤمنين ، والمحاربين له بالكافرين.
وكيف يكون قد طلب الامامة لنفسه والصادق عليهالسلام يقول : رحمهالله أما أنه كان مؤمنا وكان عارفا وكان عالما وكان صدوقا ، أما أنه لو ظفر لوفى ، أما أنه لو ملك لعرف كيف يضعها (١). ويقول : ولا تقولوا خرج زيد فإن زيدا كان عالما ، وكان صدوقا ، ولم يدعكم إلى نفسه ، إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ولو ظفر (٣) لوفى بما دعاكم إليه ، وإنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه (٤).
__________________
(١) رجال الكشي في ترجمة السيّد الحميري ص ١٨٤ ..
(٢) الرضا : كناية عن إمام الوقت من أهل البيت وإنما يكنّي عنه حذرا عليه من التصريح باسمه ..
(٣) ظهر : في نسخة ..
(٤) الوافي : عن الكافي ، كتاب الحجّة ، باب أن زيد بن علي مرضي : ١ / ١٤١ ..