بشيء ، ثمّ قال أبو حنيفة : أليس أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.
بل ان المنصور نفسه وهو من علمت كيف يحرّق الارّم (١) على أبي عبد الله عليهالسلام قد ينطق بالحقّ ، عند ذكره أو مقابلته ، فيقول : هذا الشجي المعترض في حلقي من أعلم الناس في زمانه (٢) ويقول أخرى : وإنه ممّن يريد الآخرة.
لا الدنيا (٣) ويقول تارة : إنه ليس من أهل بيت نبوّة إلاّ وفيه محدّث ، وإن جعفر بن محمّد محدّثنا اليوم (٤) ويقول مخاطبا للصادق عليهالسلام : لا نزال من بحرك نغترف ، وإليك نزدلف ، تبصر من العمى ، وتجلو بنورك الطخياء (٥) فنحن نعوم في سحاب قدسك ، وطامي بحرك (٦) ، ويقول لحاجبه الربيع : وهؤلاء من بني فاطمة لا يجهل حقّهم إلاّ جاهل لا حظّ له في الشريعة (٧).
ويقول إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العبّاس : دخلت على أبي جعفر المنصور يوما وقد اخضلّت لحيته بالدموع ، وقال لي : ما علمت ما نزل بأهلك فقلت : وما ذاك يا أمير المؤمنين ، قال : فإنّ سيّدهم وعالمهم وبقيّة الأخيار منهم توفي ، فقلت ومن هو؟ قال : جعفر بن محمّد ، فقلت : أعظم الله أجر أمير المؤمنين وأطال لنا بقاءه ، فقال لي : إن جعفرا كان ممّن قال الله فيه « ثمّ اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا » وكان ممّن اصطفى الله ، وكان من السابقين في
__________________
(١) كركع ـ الأضراس ، ولتولّد الحرارة فيها من حكّ بعضها ببعض يقال يحرقها ، وهو مثل يضرب لمن يبلغ به الغيظ شدّته لأن الحكّ من آثاره ..
(٢) كتاب الوصيّة للمسعودي ..
(٣) كشف الغمّة عن تذكرة ابن حمدون : ٢ / ٢٠٩ ..
(٤) الكافي : باب مولده عليهالسلام : ١ / ٤٧٥ ، وبصائر الدرجات ، والمناقب ، والخرائج والجرائح ..
(٥) الليلة المظلمة ، ولعلّه كناية عن الأمور المشكلة التي لا يهتدي الناس إلى حلّها ..
(٦) بحار الأنوار : في أحوال الصادق عليهالسلام : ٤٧ / ١٩٩ ..
(٧) مهج الدعوات لابن طاوس : ص ١٩٢ ، بحار الأنوار : ٤٧ / ١٩٩ ..