بعض تحكّم.
هذا فيمن يمت إليه بالسبب ، ونجد البعض ممّن يمت إليه بالنسب يداني الموبقة ، ويقارب الجريمة ، ولا يصحّ أن يريد القدير سبحانه شيئا بالإرادة التكوينيّة (١) ثم لا يقع ، فلمّا كان مستحيلا أن يريد تكوين شيء فلا يكون عرفا أن النساء وعامّة الهاشميّين غير مقصودين من الآية ، لإتيانهنّ وإتيانهم ما ينافي التطهير ، على أنه لم يقل أحد بعصمة نسائه والهاشميّين عامّة.
ولو كان المقصود بها الإرادة التشريعيّة فلا وجه لارادة التطهير من أهل البيت خاصّة ، لأنه تعالى يريده من الناس كافّة ، فاختصاصه بهم على وجه الميزة والفضيلة يدلّنا على تكوينه فيهم ، ثمّ ان الإرادة التشريعيّة إنما تتعلّق بفعل الغير ، ومتعلّقها في الآية فعل الله تعالى نفسه ، ولو كانت الإرادة تشريعيّة لقال : لتذهبوا وتطهروا أنفسكم.
فلا شكّ في أن المعنيّ من الآية هو المعنى الأول ، أعني أن المقصود منها أناس مخصوصون ، وهم الذين كانوا في بيت سيّد الرسل صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد جلّلهم بكسائه والتحف معهم به ، فنزلت هذه الآية عليهم وفيهم ، وهم عليّ وفاطمة وابناهما عليهمالسلام ، وعلى ذلك صحاح الأحاديث من طرق الفريقين (٢).
ولو لم يكن هناك نقل يدلّ بصراحته على اختصاص هذه الصفوة الكريمة
__________________
(١) الإرادة التكوينيّة هي التي تتعلّق بفعل المريد نفسه وتقابلها الإرادة التشريعيّة التي تتعلّق بفعل الغير على أن يصدر من الغير وهي التي تكون في التكاليف ..
(٢) انظر مجمع البيان وما رواه القوم في تفسيرها : ٤ / ٣٥٦ وتفسير الشوكاني : ٤ / ٢٧٠ ورواه من عدّة طرق عن أمّ سلمة وعن عائشة وعن غيرهما ، وذكر ابن حجر في الصواعق ص ٨٧ : أن اكثر المفسّرين انها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، الى غيرهم من أهل التفسير والحديث والتاريخ ..
وحاول الآلوسي في تفسيره روح المعاني بعد أن ذكر الأحاديث الجمّة الواردة في اختصاصها بأهل الكساء أن يعمّم الآية لهم وللنساء وللمؤمنين من بنى هاشم ، وما ذكرناه كاف في ردّه.