والتخضّع ، ومقرونين بالذكر الخاص بكل منهما ، لكن في السجود زيادة تخضّع ظاهرة ، فبين الانحناءة ومدّ العنق وبين وضع الجبهة علىٰ الأرض ، مصحوباً بهذا الذكر الجليل « سبحان ربي الاعلىٰ » فارق مرتبة جعل العبد في حالة السجود أشدّ قربا إلىٰ الله تعالىٰ ، وبه يتجلّىٰ لنا معنىٰ قوله تعالىٰ : ( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ) (١) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أقرب ما يكون العبد من الله عزَّ وجلَّ وهو ساجد » (٢).
وفي حديث جعفر الصادق عليهالسلام يوازن فيه بين الركوع والسجود ، جاء فيه : « .. الركوع أول والسجود ثانٍ ، فمن أتىٰ بمعنىٰ الأول صلح للثاني ، وفي الركوع أدب ، وفي السجود قرب ، ومن لا يحسن الأدب لا يصلح للقرب ، ... فإنّ الله تعالىٰ يرفع عباده بقدر تواضعهم له ويهديهم إلى اُصول التواضع والخضوع بقدر اطلاع عظمته على سرائرهم » (٣).
وقد علّق الإمام الخميني قدسسره علىٰ هذا النصّ بقوله : ( وفي هذا الحديث الشريف إشارات وبشارات وآداب ووظائف.. ومن هنا يعلم أن السجود فناء ذاتي كما قال أهل المعرفة ، لأنّ الركوع أول هذه المقامات والسجود ثانٍ ، فليس هو إلاّ مقام الفناء في الذات ) (٤).
__________________
(١) سورة العلق : ٩٦ / ١٩.
(٢) راجع : صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ١٦٧ / ٤٨٢ باب ٤٢ كتاب الصلاة. والسنن الكبرى / النسائي ١ : ٢٤٢ / ٧٢٣ باب ٢٥ كتاب التطبيق ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١١ ه ط ١. وجامع أحاديث الشيعة ٥ : ٢٢٥ / ٢٩٣٧ باب أفضل السجود وآدابه من أبواب السجود.
(٣) وسائل الشيعة ٦ : ٣٠٩.
(٤) الآداب المعنوية
للصلاة / الامام الخميني : ٥٢٧ ـ ٥٢٨. والحديث منقول من