اتّضح من خلال ما سبق انّ الحالة الاولى تشترك مع الحالة الثانية في نقطة وتختلف معها في نقطة اخرى ، فهما يشتركان في أنّ الحكم ليس منصبّا على ذوات الأجزاء ، ففي الحالة الاولى يكون الحكم بوجوب الإكرام منصبّا على الاتصاف بالعدالة لا على ذات العدالة ، وفي الحالة الثانية يكون الحكم بالتحيض إلى خمسين منصبا أيضا على الاتصاف بعدم القرشية لا على ذات عدم القرشية. هذه نقطة اشتراك.
وهناك نقطة اختلاف ، وهي أنّه في الحالة الاولى كان بالإمكان إجراء الاستصحاب في نفس الاتصاف ، بأن يقال : كان الإنسان متّصفا بالعدالة سابقا فإذا شككنا في بقاء اتصافه بها جرى استصحاب بقاء الاتصاف ويثبت بذلك وجوب إكرامه ، وأمّا في الحالة الثانية فلا يمكن ذلك فلا يمكن أن يقال انّ الاتصاف بعدم القرشية كان ثابتا سابقا فإذا شككنا الآن في بقائه جرى استصحابه.
ولكن ليس من الصحيح ان نفهم من هذا الكلام انّ العدم النعتي لا يمكن جريان الاستصحاب فيه في جميع الأحوال بل هناك حالات يجري فيها الاستصحاب في العدم النعتي. ومثال ذلك : ما إذا كان الحكم بوجوب الإكرام منصبّا على الإنسان المتّصف بعدم الفسق ، فإنّ الاتصاف بعدم الفسق عدم نعتي وبالرغم من ذلك يمكن جريان الاستصحاب فيه ، كما لو كان زيد متّصفا سابقا
__________________
ـ التحيّض إلى خمسين فإنّ موضوع الحكم بالتحيّض إلى خمسين هو الاتصاف بعدم القرشية فإذا نفي باستصحاب العدم الأزلي لم يمكن الحكم بالتحيّض إلى خمسين