وأمّا على الاحتمال الثالث ـ وهو كون المراد من النهي عن النقض النهي عن النقض العملي ـ فباستصحاب طهارة الماء يلزم ترتيب الأثر وهو طهارة الطعام ، إذ المكلّف حينما كان متيقّنا بطهارة الماء في الزمان السابق فيقينه المذكور منجّز للأثر وهو طهارة الطعام ـ لأنّا ذكرنا قبل قليل أنّ اليقين بالموضوع بعد العلم بالتشريع موجب لتنجّز الحكم ـ ، وما دام منجّزا فيكون مقتضيا للتعامل مع الطعام معاملة الطاهر ، ومعه فيلزم بقاء التعامل المذكور على حاله في زمان الشك أيضا إذ على الاحتمال الثالث يلزم التعامل حالة الشك بنفس التعامل السابق الثابت حالة اليقين ، وما دام اليقين السابق منجّزا ومقتضيا لطهارة الطعام فيلزم بقاء الاقتضاء المذكور حالة الشكّ أيضا.
فإن قيل انّه على الاحتمال الثاني وإن لزم باستصحاب طهارة الماء حصول اليقين التعبّدي بذلك ـ أي بطهارة الماء ـ ، وبالتالي يلزم تنجّز الأثر وهو طهارة الطعام إلاّ انّه يرد الاشكال في حلّيّة الطعام التي هي الحكم الثاني للمستصحب (١) ، فإنّه كيف يترتّب الحكم المذكور والحال انّ موضوعه لم يحصل يقين تعبّدي به وإنّما تنجّز لا أكثر.
__________________
(١) فإنّ المستصحب هو طهارة الماء وحكمه الأوّل هو طهارة الطعام وحكمه الثاني حلّيّة الأكل