احدهما يقول صلاة الجمعة واجبة ويقول الآخر صلاة الظهر واجبة ، فانّه لا تنافي بين الحكمين المذكورين بالذات ، إذ أي محذور في ثبوت الوجوب لصلاة الجمعة وثبوته لصلاة الظهر أيضا ، غاية الأمر حيث نعلم من الخارج بعدم وجوب كلتا الصلاتين المذكورتين يحصل التنافي بينهما.
وفي هذا الشق يمكن ان يقال بعدم صحّة كلام المشهور ، إذ لا محذور في شمول دليل الحجّية لكلا الخبرين فانّ غاية ما يلزم إتيان المكلّف بكلتا الصلاتين ، وهو ممّا لا محذور فيه ، لعدم لزوم مخالفة عملية قطعية من ذلك بل كل ما يلزم هو المخالفة الالتزامية ، وهي غير محرمة ، وهذا بخلافه في حاله رقم ( ب ) ، فانّ اللازم من شمول دليل الحجّية فيها لكلا المتعارضين المخالفة العملية القطعية وهي غير جائزة.
والخلاصة : انّ كلام المشهور صحيح في الحالة الاولى والثانية والثالثة بشقها الأوّل وغير صحيح في الحالة الثالثة بشقها الثاني. هكذا قد يقال.
ويمكن الجواب عن التوهم المذكور بانّ المحذور لا يمكن فقط في انّ لازم شمول دليل الحجّية لكلا المتعارضين ثبوت وجوب الجمعة ووجوب الظهر ليقال بانّ ذلك لا يشكّل محذورا ما دام لا يلزم من ثبوتهما مخالفة عملية قطعية بل يلزم محذور ثان ، وهو انّ الدليل الأوّل الذي يقول الجمعة واجبه له مدلول مطابقي وهو ثبوت وجوب الجمعة ، ومدلول التزامي وهو نفي وجوب الظهر ، وهكذا الدليل الثاني له مدلول مطابقي وهو وجوب الظهر ، ومدلول التزامي وهو نفي