« نطبّق دليل الحجّية على غير معلوم الكذب » تطبيقه على كل واحد منهما مشروطا بكذب الآخر.
ومن هنا عدّ السيّد الشهيد هذا البيان الثالث تعميقا للبيان الثاني ، وما ذاك إلاّ لاحتمال وحدة مقصودهما (١).
انّ كل ما ذكرناه سابقا في بيان مقتضى القاعدة الأولية وبقية الأحكام الاخرى كنّا نفترض فيه انّ دليل الحجّية دليل لفظي له إطلاق يمكنه مثلا شمول المتعارضين بنحو مشروط. وهذا كان مجرّد افتراض وإلاّ فالواقع ليس كذلك فإنّ دليل حجّية الامارات غالبا ليس دليلا لفظيا وإنّما هو دليل لبّي يتمثّل في سيرة العقلاء أو سيرة المتشرعة أو الإجماع. ولئن كانت هناك أدلة لفظية تدل على حجّية بعض الامارات ـ كمفهوم آية النبأ الدال على حجّية الخبر ـ فهي إرشاد وامضاء لسيرة العقلاء ولا تريد بيان مطلب أكثر ممّا انعقدت عليه سيرة العقلاء.
__________________
(١) يرد على البيان الثالث نفس ما أورد على البيان الثاني ، بأن يقال انّ تطبيق دليل الحجّية على كل واحد منهما بشرط كذب الآخر لا يتم لاحتمال كذبهما معا وفي علم الله سبحانه.
إن قلت : انّ هذا معناه تحقّق الشرط لحجّية كل واحد منهما فيكون كل واحد منهما حجّة وبذلك ينتفي الاحتمال الثالث أيضا.
قلت : كيف تثبت الحجّية لكل منهما مع فرض كذبهما واقعا أو العلم بكذب واحد منهما على الأقل ، فإنّ الحجّية لا يمكن ثبوتها لما يعلم كذبه.