وإذا كان دليل الحجّية دليلا لبّيا فسوف تتغير نتيجتان من النتائج التي انتهينا إليها سابقا وهما : ـ
١ ـ إنّا كنّا نقول سابقا ـ خلافا للمشهور ـ بعدم تساقط المتعارضين بالتعارض المستقر بل يشملهما دليل الحجّية بنحو مشروط وكنّا نستفيد من ذلك في نفي الاحتمال الثالث. وهذا يتم بناء على أنّ دليل الحجّية دليل لفظي له إطلاق يدل على حجّية كل امارة سواء كانت الاخرى كاذبة أم لا ، وحيث انّ دليل الحجّية بإطلاقه المذكور لا يمكن أن يشمل كلا المتعارضين فيشملهما شمولا مشروطا بكذب الآخر ؛ إذ تعذّر التمسّك بدليل بما له من إطلاق لا يستدعي رفع اليد عن أصله بل عن إطلاقه فقط ويؤخذ به بنحو مشروط فإنّ الضرورة تقدر بقدرها.
أمّا إذا لم يكن دليل الحجّية لفظيا له الإطلاق المذكور بل كان مثل سيرة العقلاء فمن الوجيه أن يقال حينئذ بسقوط كلا الدليلين عن الحجّية ـ كما قال المشهور ـ ولا يكونان حجّة بنحو مشروط ، فإنّ سيرة العقلاء انعقدت على العمل بالخبر غير المعارض أمّا المعارض فلا يعمل العقلاء به أبدا حتّى بنحو مشروط.
ومن هنا نعرف انّ النتيجة التي انتهى إليها المشهور وهي التساقط وعدم الحجّية بنحو مشروط نتيجة صحيحة بعد ما كان دليل الحجّية دليلا لبّيا. وما ذكرناه سابقا من الحجّية المشروطة يتمّ بناء على افتراض دليل الحجّية دليلا لفظيا ذا إطلاق.
٢ ـ تقدّم سابقا ص ٣٧٥ من الحلقة انّه متى ما تعارض خبر الثقة الذي هو ظني السند مع الكتاب الكريم الذي هو قطعي السند وقع التعارض بين دليل حجّية الخبر ودليل حجّية ظهور الكتاب.