قلت : انّ التعارض المذكور لا يقصد به التعارض المصطلح بل يقصد به التعارض اللغوي وهو التنافي بين الشيئين فانّ الاستصحاب يقتضي نتيجة تتنافى والنتيجة التي يقتضيها أصل البراءة فذاك يقتضي تنجز وجوب الجمعة بينما هذا يقتضي المعذرية من وجوب الجمعة.
وكما انّه لا تعارض بين الأصلين كذلك لا تعارض بين الأصل والدليل المحرز لنفس النكتة المتقدمة ، فانّ الأصل لا يكشف عن الجعل كيما يحصل التنافي بينه وبين الجعل الكاشف عنه الدليل المحرز. ولئن كان هناك تعارض فهو بين دليل الأصل ودليل حجّية ذلك الدليل المحرز.
٣ ـ انّ التعارض لا يتحقق بين الدليلين القطعيين ولا بين الدليل القطعي والدليل الظنّي وإنّما يتحقق بين الدليلين الظنّيين.
أمّا انّه لا يتحقق بين الدليلين القطعيين (١) ـ كما لو كانت آيتان كل منهما نص صريح في مضمون يتنافى ومضمون الاخرى ـ فلأن لازمه القطع بتحقق المتنافيين.
وأمّا انّه لا يتحقق بين الدليل القطعي والظنّي فلأنّه مع وجود آية قطعية
__________________
(١) المقصود من الدليل القطعي ما كان قطعيا من حيث السند والدلالة ، أمّا ما كان قطعيا من حيث السند دون الدلالة أو بالعكس فهو ليس دليلا قطعيا.