بخلافه في خبر رقم (١) فانّا نحتمل ثبوت ملاك الحجّية فيه بنحو قوي.
وبالجملة انّه في هذه الحالة (١) أيضا لا يكون شمول دليل الحجّية لأحد الخبرين موجبا للترجيح بلا مرجح.
إذن في هذه الحالات الثلاث لا نحتاج إلى محذور الترجيح بلا مرجح وانّما نحتاج اليه في حالة واحدة ، وهي ما إذا لم نحتمل ثبوت الملاك القوي في احدهما بالخصوص بل كنا نحتمل قوة الملاك في كل منهما بدرجة واحدة.
وامّا الشق الثالث ـ وهو عدم ثبوت الحجّية للواحد غير المعين ـ فقد ذكر في وجه بطلانه انّ ثبوت الحجّية للواحد غير المعين خلاف مفاد دليل الحجّية فانّ مفاد مفهوم آية النبأ مثلا هو الحجّية التعيينية ، أي حجّية هذا الفرد وذاك الفرد وليس مفاده الحجّية التخييرية ، أي حجّية الجامع وهو أحد الخبرين. هذا ما قيل في وجه بطلان هذا الشق.
ويمكن ان يقال في مناقشته انّ مصداق الحجّية التخييرية لا ينحصر بثبوت الحجّية للجامع ـ أي أحد الخبرين ـ ليقال انّ ذلك خلاف المفاد العرفي لدليل حجّية الخبر بل هناك مصداق ثان وهو ان يكون هذا الفرد من الخبر حجّة ان كان الخبر الآخر كاذبا ، وذاك الفرد من الخبر حجّة أيضا ان كان هذا الخبر
__________________
(١) فرق هذه الحالة عن سابقتها انّه في السابقة كنا نحرز بسبب الارتكاز العرفي توفر ملاك الحجّية في كلا الخبرين ، وامّا في هذه الحالة فلا يحرز توفره فيهما وانّما يحتمل ثبوته فيهما كما ويحتمل عدم ثبوته فيهما.