وميل الطبع ، فإنّ طبع كل إنسان يميل إلى بقاء الحالة السابقة وعادته تقتضي ذلك أيضا ، فلو كان لشخص احتفال سنوي يقيمه كل سنة في يوم معيّن ففي السنوات الجديدة نذهب إلى ذلك الاحتفال في اليوم المقرّر دون فحص عن انعقاده وعدمه وما ذاك إلاّ لاقتضاء العادة والطبع.
وقد تقول : انّ حكم المولى بالاستصحاب إذا كان وليد النكتة المذكورة فلا يكون حكما ظاهريا لأنّ الحكم الظاهري هو الحكم الناشئ من التزاحم بين الحكمين أو الملاكين ، وهنا نشأ الحكم بالبقاء من النكتة المذكورة.
والجواب : انّ الحكم ببقاء الحالة السابقة لم ينشأ من النكتة المذكورة بل نشأ من التزاحم بين الاحتمالين : احتمال البقاء واحتمال الارتفاع. أجل النكتة المذكورة سبب لتقديم احتمال البقاء وترجيحه على احتمال الارتفاع. هذا هو دور النكتة المذكورة وليست هي السبب المباشر للحكم بالاستصحاب.
وعليه فالاستصحاب حكم ناشئ من التزاحم بين الحكم السابق والحكم اللاحق المحتمل حدوثه مع افتراض ترجيح الحكم السابق للنكتة المتقدّمة.
وبعد أن عرفنا انّ الاستصحاب حكم ظاهري يبقى علينا أن نعرف انّه من أي القسمين للحكم الظاهري فهل هو امارة أو أصل؟
الصحيح انّه أصل ، إذ الأصل مصطلح يطلق على كل حكم ظاهري لا يكون حجّة في إثبات لوازمه فليس هو امارة بل أصل. أمّا لماذا لم يكن الاستصحاب حجّة في إثبات لوازمه غير الشرعية ، وبما انّ الاستصحاب