استصحابه فلنا يقين بالمطلب الثاني ؛ إذ نجزم بعد قيام الامارة بحكم الشارع ببقاء التنجس في الثوب ما دام لم يغسل. ونحن نستصحب هذا البقاء التعبّدي المتيقّن فنقول هكذا : انّ الثوب كان محكوما صباحا جزما ببقاء التنجس فيه تعبّدا ما دام لم يغسل فإذا شكّ في طروّ الغسل فهذا معناه الشكّ في بقاء ذلك التعبّد الشرعي بالبقاء فنجري الاستصحاب فيه أي في البقاء التعبّدي.
وإن شئت قلت : إنّ لنا شكّين : شكّا في بقاء التعبّد بالنجاسة ، وشكّا في طرو الغسل ، والشكّ الأوّل مسبب عن الشكّ الثاني. وفي الشكل الأوّل اجري الاستصحاب في الشكّ الثاني بينما في الشكل الثاني اجري في الشكّ الأوّل.
وفي هذه الصورة نفترض انّ الامارة امارة في شبهة حكمية بينما الشكّ في البقاء شكّ بنحو الشبهة الموضوعية.
ومثال ذلك : ان يدلّ خبر زرارة على نجاسة الماء المتغيّر. وهذه شهادة على مطلب كلّي. ونفترض انّ لدينا صباحا في الخارج ماء معيّنا متغيّرا ونشك في زوال تغيّره مساء. وفي هذه الصورة يجري الاستصحابان السابقان دون أي فرق.
أمّا الاستصحاب بشكله الأوّل فبأن يقال انّ بقاء النجاسة في المساء تحتاج إلى ركنين : أحدهما : ثبوت النجاسة عند تغيّر الماء ، وثانيهما بقاء التغير. والركن الأوّل ثابت بالامارة والركن الثاني ثابت بالاستصحاب فيستصحب بقاء التغيّر ، فإنّ التغيّر كان ثابتا على سبيل اليقين صباحا فإذا شكّ في بقائه مساء جرى استصحابه.