المفهوم ، ثمّ بعد ذلك ورد التعليل منفصلا عن الجملة فيقع التعارض بينهما ، ويحل بالجمع العرفي المذكور ، إلا أنّه في مقامنا ليس كذلك ؛ لأنّ التعليل متصل بالجملة الشرطيّة ، وهو شامل بعمومه للخبر غير العلمي سواء العادل وغيره ، فيكون هذا التعليل قرينة متّصلة بالخطاب تمنع من أصل انعقاد الجملة الشرطيّة في المفهوم ، لا أنّه ينعقد المفهوم أوّلا ثمّ يعارض التعليل ثانيا.
وفي هذه الحالة يرفع اليد عن أصل ظهور الجملة الشرطيّة في المفهوم لمنع دلالتها على التوقف بين الشرط والجزاء ، وهذا المانع هو التعليل الذي هو قرينة متّصلة بالخطاب الدالة على عدم حجيّة خبر العادل والفاسق غير العلميّين.
وبتعبير آخر : ما دام التعليل متصلا بالجملة فهو يمنع عن أصل انعقادها في المفهوم لأنّه يكون قرينة على عدم التوقف أو العليّة بين الشرط والجزاء ، لأنّه يشمل كل أفراد الخبر غير العلمي والذي منه خبر العادل أيضا.
فلو سلّم كون المفهوم أخص من التعليل إلا أنّه مع ذلك لا يتقدّم عليه أصلا ، لأنّ ملاك ثبوت المفهوم هو عدم ذكر ما يدلّ على خلاف المفهوم ، والتعليل يصلح لأنّ يكون قرينة على الخلاف ، لأنّه بمثابة النص ، حيث إنّه يشمل مورد المفهوم بينما الجملة الشرطيّة ظاهرة بذلك ، والظاهر إنّما يؤخذ به إذا لم يصرّح المتكلّم بخلافه ، وعموم التعليل تصريح بخلافه فيكون التعليل بعمومه مانعا عن أصل انعقاد ظهور الجملة في المفهوم ، لا أنّه ينعقد ثمّ يعارض التعليل ليقال بأنّه أخص منه ، لأنّ ذلك فرع استقرار وثبوت المفهوم ، وهو غير متحقّق مع التعليل المتّصل.
ثانيها : أنّ المفهوم حاكم على عموم التعليل ، على ما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله ؛ وذلك لأنّ مفاده حجيّة خبر العادل ، وحجيّته معناها على مسلك جعل الطريقية اعتباره علما ، والتعليل موضوعه الجهل وعدم العلم ، فباعتبار خبر العادل علما يخرج عن موضوع التعليل ، وهو معنى كون المفهوم حاكما.
الجواب الثاني : ما ذكره الميرزا النائيني من كون المفهوم حاكما على عموم التعليل.
وبيانه : أنّه على مسلك جعل الطريقية والعلمية في الأمارات والحجج يكون مفاد جعل الحجيّة للأمارة جعلها علما وبذلك تكون حاكمة على قاعدة قبح العقاب بلا