التعارض بين المفهوم والتعليل ، لأنّ موردهما واحد ، وكلاهما ينظر إليه في نفس المرتبة التي ينظر فيها الآخر ، وليس بينهما طولية ونظر ، وبالتالي لا يكون أحدهما حاكما على الآخر إذ لا يحرز نظره إليه.
وبكلمة أخرى : أنّ المفهوم كما يثبت حجيّة وعلمية خبر العادل فكذلك التعليل ينفي علمية وحجيّة خبر العادل وخبر الفاسق أيضا ، ولا موجب لترجيح أحدهما على الآخر ولا لحكومته كذلك ؛ إذ هما في مرتبة واحدة عرضية ، لأنّهما واردان معا في دليل واحد ، أحدهما يثبت الحجيّة والعلمية والآخر ينفيها ، فيتعارضان ويتساقطان ، بل يقال بتقديم عموم التعليل لأنّه قرينة شخصيّة معدة من قبل المتكلّم فهو كالنّص الصريح ، لأنّ العلّة تنظر إلى المورد وتعمّمه أو تخصّصه بحسب مناسبات الحكم والموضوع ، بينما المفهوم لا يحرز نظره وحكومته على عموم التعليل ليقدم عليه ، ومجرّد كون المفهوم أخص لا يبرر تقديمه على التعليل بملاك الحكومة ما دام النظر غير محرز فيه.
مضافا إلى أنّ لسان الحكومة كلسان التخصيص فما أورد على الجواب الأوّل يرد هنا أيضا ، حيث يصلح التعليل للقرينية على عدم انعقاد الجملة في المفهوم أساسا.
ثالثها : ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله من أنّ الجهالة المذكورة في التعليل ليست بمعنى عدم العلم ، بل بمعنى السفاهة والتصرف غير المتزن ، فلا يشمل خبر العادل الثقة ، لأنّه ليس سفاهة ولا تصرفا غير متزن.
الجواب الثالث : ما ذكره الآخوند : من أنّ الإشكال المذكور نشأ من تفسير الجهالة الواردة في التعليل بالجهل وعدم العلم ، فيكون التعليل بعمومه شاملا لخبر العادل ؛ لأنّه ليس علما فيقع التعارض بينهما ، ويقدم عموم التعليل كما مر.
إلا أنّ الصحيح إنّ الجهالة ليست بهذا المعنى ، بل هي بمعنى الطيش والسفاهة ، فيكون المراد من التعليل أنّ كل خبر يكون العمل به موجبا للطيش وللسفاهة والعمل غير المتزن لا يكون حجّة ، ويجب تركه والتبيّن فيه قبل العمل بمفاده ، وهذا لا يشمل خبر العادل بعد إثبات حجيّته ؛ لأنّ العمل به يكون مقبولا عند العقلاء والتصرف على أساسه لا يكون طيشا وسفها.
وبهذا يتّضح أنّه لا معارضة بين المفهوم والتعليل ، لأنّ المفهوم يثبت أنّ العمل بخبر