إلا أنّ هذا لا يعني حجيّة خبر الواحد مطلقا ، بل حجيّة الخبر المستتبع والمتضمن للإنذار ، لأنّ عنوان الإنذار أخص من عنوان الإخبار فإنّ الإخبار يشمل ما إذا كان في الخبر إنذار أم لا ، والإنذار هو الخبر الذي فيه تخويف وتهديد بالعقاب على فعل أو ترك كانا منجزين على المكلّف في مرتبة سابقة.
وحينئذ تكون الآية ناظرة إلى حجيّة خصوص الخبر الذي فيه وعيد وتخويف وتهديد وتحذير من العقاب على فعل أو ترك كان المكلّف يعلم إجمالا بتنجزهما عليه.
وهذا يعني أنّ الحجيّة المجعولة شرعا ليس موضوعها عنوان الإنذار بالدقة ، وإنّما المنجّز القبلي الذي يستبطنه ويتضمنه هذا الإنذار ، وليس موضوعها مجرّد الإخبار لأنّه خلاف ظاهر الآية.
ثمّ إنّ هذا المنجز السابق الذي بوجوده يتحقّق الانذار والتخويف إما أن يكون هو العلم الإجمالي بوجود أحكام إلزامية منجّزة ضمن دائرة الاخبار التي يحكي عنها الرواة ، حيث إنّ كل مكلّف يعلم إجمالا بتنجز كثير من هذه الأحكام ضمن الإخبارات والإنذارات فتكون الحجيّة لهذا العلم الإجمالي المنجز.
وإمّا أن يكون هو الشك قبل الفحص ، ولو لم يكن هناك علم إجمالي ، فإنّ البراءة سواء العقلية أم الشرعيّة لا تجري إلا في الشبهات بعد الفحص ، وأمّا قبل الفحص فيجب الاحتياط أو التوقف فيكون المنجز هو الاحتياط العقلي قبل الفحص.
وعلى كل حال لا يثبت بالآية حجيّة مطلق خبر الواحد ، وإنّما خصوص الخبر الذي يتضمن الإنذار والوعيد والتهديد المستتبع والمستلزم لوجود منجز قبلي في مرتبة سابقة على هذا الانذار.
هذا مضافا إلى أنّ تنجّز الأحكام الإلزاميّة بالإخبار غير القطعي لا يتوقّف على جعل الحجيّة للخبر شرعا بناء على مسلك حق الطاعة كما هو واضح.
الثاني : أنّنا لو سلّمنا دلالة الآية على وجوب التحذر مطلقا عند الإنذار وسلّمنا أنّ الإنذار يراد به الإخبار هنا إلا أنّ هذا لا يلزم منه كون الخبر حجّة شرعا ، بناء على مسلك حق الطاعة ، وذلك لأنّه بناء على هذا المسلك فالقاعدة الأولية بحكم العقل هي الاحتياط والاشتغال لأنّ كل احتمال منجز عقلا. وعليه ، فهذا الخبر إنّما يكون