طبيعي الحكم ، فلو لا اتّفاقهم على أنّ الجملة تدلّ على الربط الخاصّ المذكور لما تسالموا على انتفاء الحكم ولو شخصا بانتفاء القيد.
ذكر المحقّق العراقي أنّ ضابط المفهوم ينبغي أن ينصبّ حول ما إذا كان المنتفي هو طبيعي الحكم أو شخصه ، فإذا ثبت أنّ المنتفي طبيعي الحكم كان للجملة مفهوم وإلا فلا.
وحينئذ فلا نحتاج للبحث عن الركن الأوّل وهو كون الموضوع أو الشرط أو الوصف أو الغاية ونحو ذلك علّة تامّة منحصرة ، والوجه في ذلك أنّهم قد اتّفقوا على أنّ جميع الجمل التي وقعت محلاّ للكلام وموردا للنزاع عندهم تدلّ على الربط الخاصّ المستدعي للانتفاء عند الانتفاء ، وهو التوقّف كما فسّره السيّد الشهيد.
فمثلا قولنا : ( أكرم العالم العادل ) لا إشكال عندهم أنّ وصف العدالة دخيل في ملاك الحكم بنحو يكون هو العلّة لوجوب إكرام العالم ، بحيث إنّ العالم لو لم يكن عادلا فلا يجب إكرامه ، وإنّما موضع الخلاف بينهم في أنّ المنتفي عند انتفاء وصف العدالة هل هو طبيعي الحكم ليثبت المفهوم للوصف ، أو شخصه فلا مفهوم له؟
وهكذا الحال في جملة الغاية كقولنا : ( صم إلى الليل ) فإنّ الليل أخذ حدّا وعلّة لانتهاء الصيام فلا صوم بعد الليل ، إلا أنّ المنتفي هل هو طبيعي الصوم بحيث لا يوجد فرد من أفراد الصوم يكون في الليل أو الشخص فقط؟
وفي الجملة الشرطيّة : ( إذ جاءك زيد فأكرمه ) تدلّ على أنّه إذا انتفى المجيء انتفى وجوب الإكرام ، إلا أنّ المنتفي هو الطبيعي أو الشخصي فهذا يحتاج إلى دليل.
وهكذا يتّضح أنّهم متّفقون على الربط الخاصّ الموجب للانتفاء عند الانتفاء في جميع الجمل المطروحة للبحث ، وإنّما الخلاف بينهم في أنّ المنتفي فيها هل هو الطبيعي أو الشخصي؟
وعليه ، فينبغي أن يكون ضابط المفهوم هو الركن الثاني فقط دون الأوّل ؛ إذ لو لا أنّهم متّفقون على أنّ هذه الجمل تدلّ على الانتفاء عند الانتفاء والربط الخاصّ لم يكن هناك وجه لانتفاء شخص الحكم أيضا ، مع أنّهم متّفقون على أنّه في جمل الوصف واللقب والعدد ونحوها ممّا لا مفهوم فيها ينتفي شخص الحكم بانتفاء