ولا يمكن هنا حمل هذا الدليل على الحديثين القطعيين ، لأنّ الأوثقية لا أثر لها فيهما ما دام كل منهما مقطوع الصدور.
الطائفة التاسعة من الأخبار : ما ورد في علاج الخبرين المتعارضين بترجيح الخبر الذي يحتوي على بعض الصفات التي ترجّح صدوره وتوجب قوّة الظن بأنّه صادر عن المعصومين عليهمالسلام ، كما ورد في المقبولة والمرفوعة أيضا من قوله : « خذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك » وقوله : « الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما... ».
فإنّ الأوثقية والأعدلية والأصدقية والأورعية من الصفات التي ترجع إلى نفس الراوي وهذا يعني أنّ الإمام والسائل قد افترضا وجود خبرين لا يقين بصدورهما ولا قطع بسندهما ومع ذلك عالج الإمام التعارض بينهما بترجيح الواجد لبعض هذه الصفات ، وهذا يعني أنّ الخبر حجّة مطلقا سواء علم به أم لا ، وسواء كان قطعي الصدور والسند أم لا ، وهذا هو معنى الحجيّة التعبديّة ، وإلا لما كان هناك معنى لهذا الترجيح ؛ إذ فرض عدم حجيّة الخبر الظني لا يتناسب مع علاج المعارضة ، لأنّه إذا لم يكن حجّة في نفسه فهو ليس حجّة حتّى مع وجود المعارض له بطريق أولى وأوضح.
ويلاحظ هنا : أنّ هذا النحو من الأخبار لا يمكن حمله على الخبرين القطعيين من جهة السند والصدور ؛ لأنّ الأوثقية ونحوهما معناها أنّ السند فيها ظني إذ لو كان السند قطعيّا لما كان هناك أثر وفائدة من الأوثقية ونحوها في الترجيح بل كان اللازم الترجيح بالصفات التي ترجع إلى المضمون لا السند كما هو واضح.
فالاستدلال بهذه الأخبار تام فيما إذا كانت هذه الصفات راجعة إلى الراويين ، وأمّا إذا كانت راجعة للحاكمين كما هو موردها فلا يمكن الاستدلال بها على المطلوب ، لأنّها تكون مختصّة في مقام رفع المخاصمة والقضاء بين الناس كما هو الظاهر.
الطائفة العاشرة : ما دلّ بشكل وآخر على الإرجاع إلى كلّي الثقة ، إما ابتداء وإما تعليلا للإرجاع إلى أشخاص معيّنين على نحو يفهم منه الضابط الكلّي. وهذه الطائفة هي أحسن ما في الباب.
الطائفة العاشرة من الأخبار : ما دلّ على إرجاع الناس إلى كلّي الثقة بهذا