وبين عبيده ومواليه أيضا ، وأنّ العمل بخبر الثقة جائز شرعا وحجّة كذلك ، على أساس تأثرهم بالعمل به في أغراضهم والتعويل عليه في تحصيل وتنظيم العلاقات التشريعيّة عندهم ، فإنّ هذا الإيحاء بحكم كونه سيرة عامّة فإنّه يكون مستحكما ، وحينئذ يكون الشارع أمام أحد أمرين ، فإنّه إذا كان راضيا بذلك وأنّ العمل بخبر الواحد حجّة أيضا في تحصيل أغراضه التشريعيّة فيكفيه السكوت ، لأنّ بناء العقلاء وعادتهم وسجيتهم هذه كافية لتحقيق ذلك.
وأمّا إن لم يكن راضيا بالعمل به ولم يكن يعتبره حجّة لكان من اللازم عليه أن ينهاهم عن العمل به ، وأن يرشدهم إلى الطريق الصحيح لتحصيل أغراضه التشريعيّة ، وبالتالي لا بدّ أن تتوفر دواعي الردع والنهي عن العمل بخبر الواحد ، وسوف تكون هناك نواه عديدة وكثيرة جدا بحكم استحكام العمل بخبر الواحد عند العقلاء ، ولا بدّ في هذه الحالة من أن تكثر الأسئلة والأجوبة أيضا ، وحيث إنّه لا يوجد شيء يدلّ على الردع عن العمل بخبر الواحد ولا يوجد هكذا استفسارات دل ذلك على أن العمل بخبر الواحد حجّة شرعا ومقبول عند الشارع ، وأنّ السيرة العقلائيّة موافقة لرأي الشارع فيكون السكوت وعدم الردع عنها إمضاء لها ، وأنّها شرعية ، وبالتالي تكون هذه السيرة كاشفة عن وجود السنّة على حجيّة خبر الواحد.
والفارق بين التقريبين :
أنّ التقريب الأوّل يتكفل مئونة إثبات جري أصحاب الأئمّة على العمل بخبر الثقة ، بينما التقريب الثاني لا يدعي ذلك بل يكتفي بإثبات الميل العقلائي العام أي العمل بخبر الثقة ، الأمر الذي يفرض على الشارع الردع عنه ـ على فرض عدم الحجيّة ـ لئلا يتسرّب هذا الميل إلى مجال الشرعيات.
والفارق بين سيرة المتشرّعة وسيرة العقلاء هو أنّ سيرة المتشرّعة لا تحتاج إلى إثبات السكوت وعدم الردع الدال على الإمضاء والحجيّة ؛ وذلك لأنّ عمل الأصحاب والمتشرّعة بخبر الثقة بنفسه يدلّ على وجود دليل شرعي يجوّز العمل والتعويل على خبر الثقة ، لأنّ المتشرّعة بحكم كونهم متدينين لا يعملون إلا إذا كان هناك دليل شرعي لأنّ عملهم معلول للدليل الشرعي ، فيكون جريهم وعملهم بنفسه كاشفا عن