أنّها تؤدّي إلى افتراض التجوّز عند استعمال الجملة الشرطيّة في موارد عدم الانحصار ، وهو خلاف الوجدان ، فكأنّه يوجد في الحقيقة وجدانان لا بدّ من التوفيق بينهما :
أحدهما : وجدان التبادر المدّعى في هذا الوجه.
والآخر : وجدان عدم الاحساس بالتجوّز عند استعمال الجملة الشرطيّة في حالات عدم الانحصار.
ونلاحظ على ذلك : أنّ هذا التبادر المدّعى على فرض صحّته إلا أنّه يصطدم بشبهة تمنع من الأخذ به ما لم تحلّ هذه الشبهة ، وحاصلها : أنّنا لا نحسّ بالمجازيّة في الموارد التي تستعمل فيها الجملة الشرطيّة ولا يكون الشرط فيها علّة تامّة منحصرة ، أو علّة تامّة ، أو لا يكون هناك لزوم أصلا.
فمثلا إذا قيل : ( إذا أكلت في شهر رمضان فقد أفطرت ) فإنّها لا تدلّ على أنّ الأكل هو العلّة التامّة المنحصرة ؛ إذ توجد علل أخرى للإفطار كالشرب وغيره. وإذا قيل : ( إذا خفيت الجدران فقصّر ) لا تدلّ على أنّ خفاء الجدران هو العلّة التامّة ؛ وذلك لوجود خفاء الأذان أيضا فكان الشرط جزء العلّة لا العلّة التامّة.
وإذا قيل : ( إذا جاء المدرّس إلى الدرس كانت الساعة التاسعة ) ليس فيها عليّة ولا لزوم أصلا ؛ إذ هي مجرّد صدفة واتّفاق.
فمع كلّ هذا لا نحسّ أنّ استعمال الجملة الشرطيّة في هذه الموارد مجاز ، مع أنّه بناء على ما ذكر من كونها موضوعة لغة للربط العلّي الانحصاري بشهادة التبادر الدالّ على الحقيقة يجب أن تكون هذه الموارد مستعملة مجازا ؛ لأنّها مستعملة في غير ما وضعت له.
ففي الحقيقة يوجد إحساسان ووجدانان عرفيّان هما :
١ ـ الإحساس المدّعى وهو كون الجملة موضوعة للربط العلّي الانحصاري بشهادة التبادر.
٢ ـ الإحساس والوجدان القاضي بعدم المجازيّة في موارد استعمالها في غير المعنى المذكور.
وهذان الوجدانان متعارضان ؛ لأنّها إن كانت موضوعة للربط العلّي الانحصاري