فإذا بني على الاحتمال الأوّل وقع التعارض بين الخبرين لحجيّة كل منهما بحسب الفرض ، ونظرهما معا إلى حكم واقعي واحد إثباتا ونفيا.
وإذا بني على الاحتمال الثاني فلا تعارض ؛ لأنّ الخبر الضعيف الحاكي عن الاستحباب لا يثبت مؤدّاه ليعارض الخبر النافي له ، بل هو بنفسه يكون موضوعا لاستحباب واقعي مترتب على عنوان البلوغ ، والبلوغ محقّق ، وكونه معارضا لا ينافي صدق عنوان البلوغ فيثبت الاستحباب.
الثمرة الأولى : أن يدلّ خبر ضعيف على استحباب فعل ويدل خبر ثقة على نفي استحبابه.
فعلى الاحتمال الأوّل من أنّ مفاد الروايات جعل الحجيّة على عنوان البلوغ يقع التعارض بين هذين الخبرين ؛ وذلك لأنّ الخبر الضعيف مفاده أنّ الاستحباب المحكي به حجّة شرعا ، لأنّ موضوع الحجيّة تام فيه وهو بلوغ الثواب على هذا العمل ، بينما الخبر الصحيح مفاده أنّ الاستحباب ليس ثابتا شرعا لهذا الفعل ، وهذا معناه نفي بلوغ الثواب على هذا العمل ، فكلاهما ينظران إلى موضوع واحد ، وهو هذا العمل الخاص ، وأحدهما يثبت الاستحباب له والآخر ينفي الاستحباب عنه ، والمفروض أنّهما معا حجّة ظاهرا وتعبدا ، وحيث لا يمكن الجمع بينهما ولا ترجيح أحدهما على الآخر فيحكم بتعارضهما وتساقطهما وبالتالي لا يثبت الاستحباب.
وقد تقدّم سابقا أنّ الأحكام الظاهرية كالأحكام الواقعيّة يمكن تصوّر التعارض فيها ؛ وذلك بلحاظ التكاذب والتنافي فيها فيما تحكي عنه من النظر إلى الملاكات الواقعيّة في مقام التزاحم الحفظي وبيان الأهم من هذه الملاكات ، فالخبر الضعيف مفاده الالتزامي أنّ ملاكات الاستحباب هي الأهم ويجب الحفاظ عليها ، بينما الخبر الصحيح ينفي ذلك ، وحيث إنّهما معا حجّة فيتعارضان ويتساقطان.
وأمّا على الاحتمال الثاني من أنّ مفاد الروايات جعل استحباب واقعي نفسي ثانوي على طبق عنوان البلوغ فلا يقع التعارض بين هذين الخبرين ؛ وذلك لأنّ الخبر الضعيف لا يثبت مؤدّاها واقعا ولا يحكي عن ثبوت استحباب في الواقع بالعنوان الأولي ، بينما الخبر الصحيح يحكي عن عدم ثبوت الاستحباب الواقعي بلحاظ العنوان الأولي ، وحينئذ لا مانع من عدم ثبوت الاستحباب الواقعي بالعنوان الأولي