حجيّة ظهور كلام الشارع وذلك قبل اطلاعهم على طريقة الشارع ومسلكه بالنسبة لاكتشاف مراده الجدّي أي بلحاظ بداية التشريع ، فإنّه في تلك الفترة لا يعلم باعتماد الشارع على القرائن المنفصلة فيبني العقلاء حينئذ على حجيّة ظهور كلامه لاعتيادهم على ذلك في حياتهم الشخصيّة والتشريعيّة.
وهذا معناه أنّ هناك أحكاما للشارع سوف تتعرّض للخطر والضياع فيما لو سكت الشارع عن السيرة ولم يردع عنها إذا كان مخالفا لها ، إذ لا مبرّر لسكوته وعدم ردعه في تلك الفترة الزمنية ما دامت السيرة سوف تشكّل خطرا على أغراضه وأحكامه ، وهذا يحتّم عليه الردع وعدم السكوت ، وبما أنّه سكت ولم يردع ، كان ذلك معناه أنّ الأخذ بظهور الكلام حجّة حتّى بالنسبة للمتكلّم الذي يعتمد على القرائن المنفصلة إذا لم يعلم صدورها ، ومجرّد احتمالها كالقطع بعدمها.
ومن هنا كان سكوت الشارع وعدم ردعه عن السيرة ولو في بداية التشريع كاشفا عن حجيّتها في كون العمل بالظهور حجّة مطلقا.
وعلى هذا الأساس يكون احتمال القرينة المنفصلة غير مضرّ بانعقاد كلام المتكلّم وظهوره في مراده الجدّي. نعم ، عند ما تأتي هذه القرينة المنفصلة تكون معارضة لظهور كلامه المنعقد فعلا ، وحينئذ إذا أمكن الجمع بينهما فهو وإلا وقع التعارض ، فإذا كانت القرينة أقوى قدّمت عليه ، وكذا العكس وإلا فيحكم بالتساقط.
* * *