الحالة الاعتياديّة وهذا يشكّل خطرا على الأغراض الشرعيّة يحتّم الردع لو لم يكن الشارع موافقا على الأخذ بظواهر كلامه.
ومن هنا يكشف عدم الردع عن إقرار الشارع لحجيّة الظهور في الكلام الصادر منه.
والجواب عن هذا الإشكال : أنّه مبنيّ على أن يكون الإمضاء المستكشف من عدم الردع عن السيرة متحددا ومطابقا لما انعقدت عليه السيرة من عمل ، فحيث إنّ السيرة قد انعقدت على الأخذ بظهور كلام المتكلّم الاعتيادي الذي يندر اعتماده على القرائن المنفصلة غالبا وعادة فكذلك يكون دليل الإمضاء مقيّدا بهذا المقدار أي يستكشف بالسيرة حجيّة ظهور كلام الشارع فيما إذا لم يعتمد على القرائن المنفصلة ، وبما أنّنا نعلم أنّ الشارع مخالف لطريقة العقلاء في محاوراته وأنّه قد اعتمد فعلا على القرائن المنفصلة بحيث صار ذلك طريقا عاما وسلوكا شائعا عند الشارع فلا يمكننا بهذه السيرة الممضاة شرعا أن نثبت حجيّة ظهور كلام الشارع لاختلاف الدليل والمدّعى في الموضوع اختلافا يمنع من تماميّة الاستدلال لأنّ موضوع الدليل هو المتكلّم الذي لا يعتمد على القرائن المنفصلة ، بينما موضوع المدّعى هو الشارع وظهور كلامه الذي ثبت يقينا اعتماده على القرائن المنفصلة.
إلا أنّ الصحيح مع ذلك هو أنّ دليل الإمضاء المستكشف من عدم الردع أوسع وأشمل من موضوع السيرة العقلائيّة ، بل إنّه في الحقيقة لا يتوجه إلى السيرة بما هي عمل صامت أصلا ، بل الإمضاء يتوجه إلى النكتة التي ارتكزت عند العقلاء كما تقدّم سابقا فإنّ سيرة العقلاء إذا انعقدت على الأخذ بالظهور ولو في حدود كلام المتكلّم الاعتيادي الذي يندر اعتماده على القرائن المنفصلة إلا أنّها في الحقيقة سوف تشكّل إيحاء وارتكازا وعادة عند العقلاء بأنّ الشارع أيضا يعتمد على الأخذ بظهور كلامه ، فإذا أمضى الشارع هذه السيرة بسكوته عنها وعدم ردعها كان هذا السكوت امضاء لهذا البناء والارتكاز العقلائي الذي يقتضي تعميم الأخذ بالظهور حتّى في كلام الشارع.
ومجرّد العلم بأنّ الشارع قد اعتمد على القرائن المنفصلة لا يمنع من حجيّة هذه السيرة أو على الأقلّ لا يردع عنها ؛ إذ هناك موارد سوف يعتمد العقلاء فيها على