بوجود القرينة المنفصلة واقعا ، فالجزء الثاني تام أيضا ، فتطبّق أصالة الظهور مباشرة ولا تحتاج إلى أصالة عدم القرينة المنفصلة هنا ، خلافا للاحتمال الثاني فإنّه يحتاج فيه في هذا الفرض إلى أصالة عدم القرينة المنفصلة لأنّ موضوع الحجّة كان عدم وجود القرينة المنفصلة وهذا غير محرز مع احتمال وجودها ، فنحتاج إلى أصل ينفي هذا الاحتمال في مرتبة سابقة.
والحاصل أنّنا نتمسّك بأصالة الظهور مباشرة في موارد احتمال القرينة المنفصلة ، بينما في موارد احتمال القرينة المتّصلة نحتاج إلى أصالة عدم القرينة في رتبة سابقة.
والتحقيق في تمحيص هذه الاحتمالات : أنّ الاحتمال الأوّل ساقط لأنّ المقصود من حجيّة الظهور تعيين مراد المتكلّم بظهور كلامه ، وهي إنّما تناط عقلائيّا بالحيثية الكاشفة عن هذا المقصود ، إذ ليس مبنى العقلاء في الحجيّة على التعبد المحض ، وما يكشف عن المراد ليس هو الظهور التصوّري بل التصديقي ، فإناطة الحجيّة بغير حيثيّة الكشف بلا موجب عقلائيّا ، فيتعيّن أن يكون موضوع الحجيّة هو الظهور التصديقي.
ونأتي الآن لتحقيق الحال في هذه الاحتمالات وتعيين الاحتمال الصحيح منها فنقول :
أمّا الاحتمال الأوّل الذي ذكره المحقّق الأصفهاني : من أنّ موضوع حجيّة الظهور هو الظهور التصوّري مضافا إلى عدم العلم بالقرينة مطلقا فهو غير صحيح ؛ وذلك لأنّ المراد من حجيّة الظهور تعيين المراد الجدّي والواقعي للمتكلّم من خلال ظهور كلامه.
ومن المعلوم أنّ مراده الجدّي إنّما يكون ثابتا فيما إذا كان للكلام ظهور تصديقي لأنّ المراد الجدّي يعتمد على ظهور حال المتكلّم العاقل الحكيم الملتفت في أنّ ما أخطره واستعمله تصوّرا في كلامه هو مراده الجدّي الواقعي ، وإلا لكان مخلا لما هو المتعارف عقلائيّا في المحاورات ، وعلى هذا فما يكون كاشفا عن المراد الجدّي إنّما هو المدلول التصديقي للكلام وليس المدلول التصوّري لأنّ المدلول التصوّري مرتبط بالوضع.
ولذلك قلنا : إنّه لا ينهدم سواء كان هناك قرينة على خلافه أم لا ، ولذلك لا