بأنّه أمارة عقلائيّة على تعيين الظهور الموضوعي ، فكلّ إنسان إذا انسبق إلى ذهنه معنى مخصوص من كلام ولم يجد بالفحص شيئا محدّدا شخصيا يمكن أن يفسّر ذلك الانسباق فيعتبر هذا الانسباق دليلا على الظهور الموضوعي.
وأمّا الظهور الذاتي فيمكن أن يكون له فائدة وهي :
بما أنّ الظهور الذاتي عبارة عمّا ينسبق ويتبادر إلى ذهن الشخص من معنى فهناك حالتان :
الأولى : أن يكون انسباق المعنى إلى الذهن وتبادره من اللفظ نتيجة لبعض الظروف والملابسات والأنس الشخصي كما تقدّم وفي هذه الحالة لا يكون هذا الظهور حجّة ، ولا يكون كاشفا عن المعنى الحقيقي الموضوع له اللفظ ، لأنّه يعلم بأنّه كان ناتجا عن العوامل والظروف الشخصيّة المحيطة بالشخص ذاته.
الثانية : أن يكون انسباق المعنى إلى الذهن وتبادره من اللفظ غير متأثر بهذه العوامل والظروف والملابسات الشخصيّة بأن فحص الإنسان ودقّق في هذا المعنى الذي تبادر إلى ذهنه فلم يجد شيئا من العوامل الذاتية والشخصيّة كان مؤثرا على تبادر هذا المعنى ، فهنا يمكن لهذا الشخص بعد التأكد من عدم وجود مبرّر شخصي وذاتي لتبادره أن يستكشف أنّ هذا المعنى الذي تبادر إلى ذهنه هو نفس المعنى الموضوع له اللفظ عند العرف العام والنوع من أهل اللغة والمحاورة. وبالتالي يكون هذا التبادر كاشفا عن الظهور الموضوعي أي أنّ هذا المعنى الظاهر من اللفظ ظاهر لكل أبناء النوع من أهل اللغة والمحاورة ، والظهور الموضوعي بدوره يكون كاشفا عن الوضع الحقيقي وأنّ هذا المعنى هو المعنى الحقيقي الموضوع له اللفظ.
وبهذا ينبغي أن يميّز بين التبادر على مستوى الظهور الذاتي والتبادر على مستوى الظهور الموضوعي.
فالأوّل : كاشف عن الظهور الموضوعي وبالتالي عن الوضع.
والثاني : كاشف إنّي تكويني ـ مع عدم القرينة ـ عن الوضع.
وبهذا يتّضح أنّه يوجد نحوان من التبادر يجب التمييز بينهما ، هما :
الأوّل : التبادر على مستوى الظهور الذاتي والذي يكون كاشفا عن الظهور الموضوعي كما ذكرنا ، والظهور الموضوعي يكشف عن الوضع ، فيكون هذا التبادر