بما ذكره المفصّل في الغفلة بل يوجد لهذا الاحتمال مناشئ عديدة ومختلفة أيضا ، فإذا أريد نفي هذا الاحتمال بأصل عقلائي كأصالة عدم القرينة مثلا فلا بدّ أن يكون هذا الأصل العقلائي ذا حيثيّة كشف نوعيّة عن المراد والواقع.
وعلى هذا فلا بدّ أن نفتّش عن المناشئ التي يمكن على أساسها أن ينشأ احتمال وجود القرينة على الخلاف لنرى أنّه هل بالإمكان نفي هذا الاحتمال أم لا؟ فإذا كان بالإمكان نفيه فهذا يعني وجود أصل عقلائي له حيثيّة كشف نوعيّة تصحّح لنا نفي هذا الاحتمال.
والحاصل : أنّ الاعتماد على أصالة عدم القرينة لنفي احتمال وجودها لا بدّ أن يكون له منشأ عقلائي وهذا يفترض مسبقا أن يكون هناك حيثيّة كشف نوعيّة لدى العقلاء يمكن الاستناد عليها وتبرير نفي هذا الاحتمال على أساسها ، فإذا أمكننا التوصل إلى هذا فلا يكون للتفصيل مورد ، وإلا لكان التفصيل في محلّه.
وعلى هذا فالبحث ينبغي أن ينصب على هذه النقطة بالذات ولا يكفي مجرّد ادعاء وجود مثل هذا الأصل عند العقلاء.
ومن هنا نقول : إنّ شكّ الشخص غير المقصود بالإفهام في إرادة المتكلّم للمعنى الظاهر ينشأ من أحد أمور :
الأوّل : احتمال كون المتكلّم متستّرا بمقصوده وغير مريد لتفهيمه بكلامه.
الثاني : احتمال كونه معتمدا على قرينة منفصلة.
الثالث : احتمال كونه معتمدا على قرينة متّصلة غفل عنها السامع.
الرابع : احتمال كونه معتمدا على قرينة ذات دلالة خاصّة متفق عليها بين المتكلّم وشخص آخر كان نظر المتكلّم إليه.
الخامس : احتمال وجود قرينة متّصلة التفت إليها السامع ولكنّه لم ينقلها إلينا ولو من أجل أنّها كانت متمثّلة في لحن الخطاب أو قسمات وجه المتكلّم ونحو ذلك ممّا لا يعتبر لفظا.
ونأتي الآن لاستعراض المناشئ التي توجب احتمال وجود القرينة على الخلاف ، وأنّ المتكلّم لم يرد ظاهر كلامه بالنسبة للشخص غير المقصود بالإفهام ، ولذلك نقول بأنّه توجد مناشئ خمسة لهذا الاحتمال ، وهي :