الأقلّ ـ بأنّ مراد المتكلّم هو المعنى الظاهر ، لأنّه أمارة ظنيّة كاشفة عن ذلك ، فإذا لم تحصل أمارة ظنيّة على خلاف ذلك أثّر الظهور فيما يقتضيه وحصل الظن الفعلي بالمراد ، وإذا حصلت أمارة ظنيّة على الخلاف وقع التزاحم بين الأمارتين فقد لا يحصل حينئذ ظنّ فعلي بإرادة المعنى الظاهر بل قد يحصل الظن على خلاف الظهور تأثرا بالأمارة الظنية المزاحمة.
وعلى هذا فقد يستثنى من حجيّة الظهور حالة الظن الفعلي بعدم إرادة المعنى الظاهر ، بل قد يقال بأنّ حجيّة الظهور أساسا مختصّة بصورة حصول الظن الفعلي على وفق الظهور.
ويمكن تبرير هذا القول بأنّ حجيّة الظهور ليست حكما تعبديّا ، وإنّما هي على أساس كاشفيّة الظهور ، فلا معنى لثبوتها في فرض عدم تأثير الظهور في الكشف الظني الفعلي على وفقه.
التفصيل الثاني : ما ذكره المحقّق النراقي من أنّ حجيّة الظهور يشترط فيها عدم الظن الفعلي بالخلاف ، فإذا حصل ظن فعلي بالخلاف فلا يكون الظهور حجّة.
وتوضيح ذلك : أنّ ظهور الكلام يقتضي بطبعه حصول الظن بأنّ المتكلّم يريد واقعا وجدّا ما هو ظاهر من كلامه ؛ لما تقدّم سابقا من أنّ الظهور يعتبر أمارة عقلائيّة كاشفة عن الواقع والمراد الجدّي ، وهذا يجعل الظهور مفيدا للظن على أقل تقدير ، وحينئذ فهذا الظن الحاصل من الظهور يكون حجّة ويجوز التمسّك به والتعويل عليه إذا لم يكن هناك ظن فعلي على خلافه ، وإلا سوف يتعارض الظن النوعي الحاصل من الظهور مع الظن الفعلي الحاصل للشخص من وجود أمارة ظنيّة أخرى على خلافه ، سواء كانت معتبرة شرعا أم لا ، وعليه فيحصل التزاحم والتعارض بين هاتين الكاشفيتين فإنّ كان الظهور الفعلي المخالف أقوى فهذا يعني تقديمه على الظن الحاصل من الظهور ، وإن لم يكن أقوى فهو مانع ومزاحم للعمل بالظن الحاصل من الظهور لأنّه لن يوجب حصول الظن الشخصي الفعلي بالوفاق.
وبتعبير آخر : أنّ الظن الحاصل من الظهور إما ألا يكون هناك ظن فعلي شخصي على خلافه وإما أن يكون هناك ظن فعلي على خلافه ، وإما أن يكون هناك ظني فعلي شخصي على وفاقه.